تعميق الشعور بالإنتماء والمواطنة والإصلاح الفكري للفرد

كيف يمكن أن نفهم الحدث السوري في سياق تفاقم جملة من المسائل؟ فالأزمة أوضحت بنية معقدة استندت إليها كل التطورات والتداعيات، ويدخل في هذا السياق “البنية الثقافية” للفرد والمجتمع، وربما كانت الأزمة نوعا من الكشف لكل التراكمات التي سبقتها وعلى الأخص مسألة وحدة المجتمع، فعلى كافة المستويات حدثت افتراقات اجتماعية خطيرة، ومع تطورات الأزمة ظهر الخلل في المنظومة الخاصة للتربية والتعليم سواء على مستوى التقنيات أو المناهج الفكرية أو حتى قدرتها في التأثير على الاتجاهات العامة داخل المجتمع.

قبل الأزمة كان قطاع التعليم يعاني من تحديات يمكن تلخيصها:

  • حالات تسرب في التعليم الأساسي أدت إلى انتشار الأمية وعلى الأخص في مناطق الشمال الشرقي.
  • تراجع البنية التحتية للتعليم، سواء الأبنية المدرسية أو الكوادر التعليمية التي لم تعد تتناسب مع ازدياد الطلاب.
  • تبعية المؤسسة التعليمية الرسمية للجهاز السياسي (مكتب التعليم القطري) مما أدى لضعف جسور التواصل بين المدرسة والمجتمع.

أضافت الأزمة إلى هذه التحديات خروج عدة مدارس من إطار الخدمة سواء نتيجة التدمير أو استخدامها كملاجئ للمهجرين، كما طرحت تفاصيلها مسائل متعلقة بالهوية الثقافية للمجتمع والأفراد، وذلك في ظل انقسام واضح، وازدياد التطرف، وانخراط طلاب المدارس في الكثير من الأحداث التي شهدتها سورية.

هذه التحديات ظهرت وسط تعقد الحياة الاجتماعية وبروز مسائل العنف ضد الأطفال، والفئات “الخاصة” المهمشة من الأطفال في مجال التعليم مثل (الأطفال العاملين، مكتومي النسب، والأحداث)، علما أن عدد الأطفال من كلا الجنسين المكتومي القيد يقدر بحوالي 125,159 وفق المسح العنقودي متعدد المؤشرات الذي تم عام 2006

وضمن إطار تجاوز تداعيات الأزمة على التعليم وبناء الأفراد، فإن بعض الاتجاهات ترى ضرورة التعامل ببرنامج واضح يتضمن:

  • منهاج المواطنة والسلام : يبين الحقوق والواجبات لكل من الدولة والمواطن في ظل دولة ديمقراطية علمانية مدنية حديثة، يتم تبنيه في المدارس والجمعيات الأهلية المختلفة. كما يتوجب على الدولة العمل على تعزيز مشاعر الانتماء لسوريا كبلد متعدد ثقافياً وعرقياً ودينياً ومتعدد حزبياً يضمن لكافة الفئات والأحزاب حقوقاً متساوية، ومن الممكن تكييف هذا المنهاج في سبيل إعادة استيعاب وتأهيل الجيل الشاب المقاتل حالياً عبر منهاج مهارات الحياة لبناء شخصية الفرد.
  • منهاج الثقافة الجنسية والصحة الإنجابية، فالتوعية والتوجيه حول هذه المواضيع يجب أن يتم في بيئة حاضنة صحية وآمنة مثل المدرسة والجمعيات الأهلية المتخصصة.
  • منهاج تثقيف الأقران، فالطفل واليافع يتلقى المعلومة بسهولة أكبر عندما تأتيه من أقرانه، فتدريب وتأهيل المتميزين منهم لمشاركة في إدارة الجلسات التدريبية يعد مسألة هامة.
  • تأهيل الكوادر الحكومية في قطاع التعليم وكافة القطاعات الأخرى.

هناك اتجاه آخر في مسألة التعليم وبناء الأفراد يرى ضرورة وضع منهج في تثبيت “الهوية الثقافية”، وذلك مهما كان نوع التقنيات والأساليب المستخدمة، وسواء تم الاعتماد على الأفكار السابقة أو أفكار إضافية أخرى، فمن الضروري ملاحظة أن الأزمة السورية وضعت الهوية الثقافية على حدين أساسيين: الأول يتبنى التراث الديني، وهو ما يُطلق عليه مصطلحات مختلفة مثل الأصولية والسلفية وغيرها، بينما الاتجاه الآخر ليبرالي، وإعادة تثبيت الهوية الثقافية يعد جوهريا لتجاوز هذا الوضع الصعب الذي يقسم المجتمع ويدخله في صراعات دائمة.

4
0
Thank you for your feedback

تعليقات

  1. علي سليمان

    إعادة تثبيت الهوية الثقافية على أسس علمية و منهج ديمقراطي حر و التعاون مع المؤسسة الدينية من ناحية وعي الإنسان بحقيقة العلاقة مع الله فهي فردية بين الإنسان و الله و ترك الأمور السياسية و المجتمعية إلى القوانين الوضعية التي يتفق عليها كل مكونات السوريين و طرق ماية هذه القوانين أي فصل الدين عن الدوله و احترام جميع الأديان و خصوصياتهم من ناحية التربية الأخلاقية و نبذ العنف بكل أشكاله الجسدي و اللفظي و النفسي.

  2. Naim Nazha

    The only way to solve that is by equal rights and resposibilities, let the Syrian people be all what they can , serve in government if they want and have the qualification to do, no set aside no qoutas, jus equal rights flat tax that will give everybody a feeling of paying for the government they want and the services, the way has been is like a father who gives to the children that do not know hwere the money comes from and do not care they need to contribute to have a say on how money is spent.

شارك برأيك

يسرنا قراءة إضافاتكم، لكن مع التنويه أن النشر على الموقع سيقتصر على المشاركات البناءة و النوعية، و لا نضمن أن يتم إدراج كل المشاركات