الحوار أم الثورة

رغم الاختلاف على قراءة الأحداث الدراماتيكية السورية (ثورة، انتفاضة، حراك شعبي، مؤامرة خارجية مسبقة، مطالب مشروعة أو غير مشروعة، طائفية، سلمية أو عنيفة أو مختلطة …) لم يعد يخفى على أحد أن العنف تصاعد بوتيرة منتظمة واتخذ الصراع شكلاً تدميرياً لن يخرج أي طرف سوري رابح.

ماذا نتج عن هذا الصراع؟

عشرات الآلاف من الشهداء والضحايا، آلاف المخطوفين والمعتقلين والمهجرين قسرياً، فقدان كامل للأمان، وانتشار للعصابات والمرتزقة، أزمة اقتصادية كارثية نتيجة التدمير المنهجي للمناطق الصناعية وتقطيع أوصال الدورة الاقتصادية، يضاف إلى ذلك العقوبات الاقتصادية الخارجية وقلة المواد والبطالة، تراجع الوحدة الوطنية والمجتمعية والسلم الأهلي مقابل تقدم العصبيات المتخلفة وعلى رأسها الشحن والممارسات الطائفية، تدمير مؤسسات الدولة وأهم وظائفها الخدمية، التدخل الخارجي الخطير بكل الوسائل الممكنة … مجمل الوقائع السابقة تتصاعد بوتائر خطرة.

هذا الدمار بحاجة لعشرات السنوات وأكثر من مئة مليار دولار لنعود إلى ما كانت عليه سوريا سنة 2010

كل هذا يدل على أن سوريا دخلت في أزمة وطنية شاملة، مع احتمالات كارثية لتطورها.

النظام لم يسقط، من جهة أخرى لم ينفع الحل العسكري والأمني الذي مارسه النظام ضد معارضيه، مرت الشهور على هذا الوضع رغم ايمان مؤيدي كلا الطرفين ومنذ الأشهر الأولى بأن الحسم قريب.

لذلك فالمطلوب بسرعة من كل الأطراف الانتقال إلى العقلانية والتفكير بالتسويات والتنازلات لمصلحة الوطن، فكل الصراعات تنتهي بجلوس الأطراف المعنية معاً على طاولة حوار أو تفاوض.

إن لجوء كلا الطرفين إلى الخارج وعدم ثقتهما ببعضهما جعل الدور الأميركي والروسي هام جداً وأصبح من الضروري وجود ضامن دولي لنتائج الحوار وللإشراف على انتخابات نزيهة على كل المستويات.

الجميع تلطخت أيديهم بالدماء والجميع ارتكب أخطاء فادحة والمنتصر عسكرياً سيفرض حكماً مستبداً أمنياً لا يقبل الاختلاف وهي ستكون نتيجة طبيعية حتمية، وسيستمر في حرب وجود غير منتهية. أما الحوار والاتفاق على مرحلة انتقالية وحكومة وحدة وطنية ووضع تخوفات كل طرف بعين الاعتبار سيخفف الاحتقان ويضع مصلحة سوريا فوق كل مصلحة.

قبل البدء بالحوار على كل الأطراف تقديم بوادر حسن نية والعمل على تسهيل عمليات الإغاثة والمساهمة في حل كل المشاكل وتحديد الممثلين عن كل طرف.

البدء بالحوار سيحاصر الأطراف الكاذبة وسيعزز شرعية الدولة في مواجهة الأطراف العنيفة المخربة.

إن ايقاف العنف الفوري وايجاد الحلول السياسية بغاية الوصول الى التغيير الديمقراطي السلمي الشامل هو مطلب الفئة الأكبر من الشعب السوري.

8
1
Thank you for your feedback

تعليقات

  1. Naim Nazha

    If the goal is to get rid of the Baath party and the army, then the revolution is the way, and that will lead to no compromise from the government as we do not expect people who are threatened with death to just drop dead, they will fight, and no revolution ever led to Democracy, if the goal is Democracy then then dialogue and setting the system that will allow everybody to serve and be all what they can is the way i like the American system as it allows people to manage their own lives before they manage the Syrian people and Syria in a national election, we do not want on the job training, Syria has many problems.

  2. رامي قباني

    في حالة كالحالة السورية و بالنظر إلى وضع النظام قبل اندلاع الأزمة و وضعه الآن, وبالنظر إلى النهج الذي اتخذه الحراك في بداياته و تطوره إلى شكله الحالي, كنت في كل لحظة أرى أن التفاعل بين الحراك بطبيعته و النظام بطبيعته لا يمكن أن ينتج إلا صراعاً دموياً مدمراً للمجتمع و الدولة في سوريا, في كل لحظة منذ البداية و حتى الآن أرى أن استمرار هذا التفاعل لن ينتج إلا مزيداً من الخراب, في حال إستمرار الوضع على حاله لا أرى أي احتمال لنجاح “الثورة” في نقل سوريا من دولة يحكمها نظام شمولي إلى دولة يحكمها نظام تعددي,فلست أرى نجاحاً في تحقيق هدف “إسقاط النظام” على المدى المنظور, ولا أرى في حال تحقيقه (بقوى الحراك الحالية) أي إمكانية و كفاءة لتحقيق الأهداف المنشودة أساساً من هذا الحراك, خاصة بعد ميله الواضح إلى التطرف الديني, بالإضافة لضعف النخب التي اختارها الحراك لتمثيله و تبعية بعضها الآخر للخارج, و عدم فاعلية النخب السورية المعارضة بشكل عام… كما لا أرى أي احتمال لأن ينجح النظام في انهاء الأزمة بشكل يرضي كافة أطياف الشعب السوري, لا بالإصلاح الأحادي الجانب ولا بالمشاركة المتواضعة لجزء يسير من المعارضة الوطنية السياسية في الحكومة ولا بالحسم العسكري, بل إن النظام وحده غير قادر على إنهاء الأزمة بأي طريقةٍ كانت, إذ أنه لا يملك الآليات ولا الحلول الإبداعية التي يتطلبها الخروج الآمن من الأزمة و التغيير الجذري الديمقراطي.

    الحل الأمثل هو أن تجتمع النية الصادقة عند كلا طرفي الصراع (النظام و المعارضة) للإنهاء الإقتتال و العمل سويةً بشكل توافقي لتحقيق التغيير الجذري سياسياً و اقتصادياً و اجتماعياً الذي بات ضرورةً لاستمرار الحياة في هذه البلاد, ولا سبيل إلى هذا التوافق سوى نبذ العنف بشكل كامل أولاً, ثم عقد حوار وطني شامل يضم النظام و المعارضة يتم من خلاله الإتفاق على الخطوات التالية من انتخابات و تشكيل هيئات و حكومات إلخ.. بالتوازي مع إعادة الأمن و الاستقرار للبلاد و بسط سيطرة الدولة على كامل الأراضي السورية و الإفراج عن المعتقلين الذي لم يثبت عليهم أي جرم و السماح بالتظاهر السلمي المنظم بحماية أجهزة الدولة و تحت سلطة القانون (يفضل تغيير القانون الحالي), هذا الحل لا يمكن تحقيقه بإرادة جزئية من طرف واحد, فطالما أن المعارضة -الثورية و المسلحة- ماضية نحو النهاية معتقدةً أن “النصر قريب” كم يروجون, و طالما أن النظام ماضٍ نحو النهاية في الحل الأمني و العسكري الذي ثبتت استحالةً نجاحه في الحد من عمليات العنف, ناهيك عن تأثيره المفاقم للأزمة, طالما أن أحد هذين “الطرفين” غير راغب في التسوية فرغبة الآخر لا يمكن أن تفضي إلى شيء.

    أدرك صعوبة وتعقيد هذا الحل ولكن هذا الطريق الأسلم نحو سوريا المتجددة التي ينشدها الجميع, أعتقد أن الدور الأبرز في الدفع نحوه يقع على عاتق القوى السياسية المعارضة التي لم تنجرف نحو دعم التسلح و الحراك المسلح و ما زالت تعمل في السياسة, يجب على هذه القوى التوحد على خطة عمل مشتركة و التوجه إلى الكتلة الشعبية التي لم تنخرط في طرفي الصراع لتشكيل قوة ضغط تطالب بوقف العنف فوراً و تدفع المتحاربين نحو طاولة الحوار بأسرع ما يمكن, الوقت ليس في صالح سوريا ولكن لم يفت الأوان للتصرف الصائب.

  3. سامي راعي

    الرحمة لأرواح الشهداء والحرية للمعتقلين الأبرياء..

    للتوضيح عن هذا الطرح.
    الحوار يقتضي بوجود طرفين حيث يكون كل طرف من هذه الأطراف مسؤولاً بالكامل عن تصرفات أتباعه ومؤيديه ويملك كامل السيطرة على فرض قراراته عليهم

    لذلك بجولة سريعة على النظام والمعارضة نستطيع القول التالي:

    1- النظام السوري ممثلاً بشخص رئيسه بشار الأسد يملك السيطرة بالكامل على الجيش والأجهزة الأمنية وفرق الشبيحة والمؤيدين التابعين له وبالتالي هو طرف يمكن أخذه بعين الأعتبار للحوار
    2- المعارضة 3 أنواع:
    معارضة خارجية ممثلة بالإئتلاف تملك فقط الاعتراف السياسي من بعض الدول المؤثرة والتنسيقيات الثورية المرتبطة بها بالداخل وبعض قيادات الجيش الحر
    معارضة داخلية ممثلة بقوى التغيير السلمي والأحزاب المعترف بها تملك السيطرة على مؤيديها فقط ولاقوة تأثير فعلي لها لحل الأزمة
    معارضة مسلحة ممثلة بفصائل الجيش الحر والتنظيمات الاسلامية المسلحة وهية عديدة وتملك القوة (إذا تم الاتفاق معهم جميعاً) على وقف الهجمات على قوات النظام ومعاقله

    حتى اليوم النظام السوري طلب الحوار فقط مع المعارضة الداخلية والتي لاتملك حل الأزمة أو القوة لإقناع باقي قوى المعارضة السياسية والمسلحة وبنفس الوقت قام النظام بتهديد كل الباقي باعتباره إرهابياً وخائنا يجب القضاء عليه وسحقه
    لذلك وضع منصة حوار سياسي للخروج من هذه الهوة التي يعانيها الوطن تتطلب الاعتراف بجميع أنواع المعارضة وفروعها وبنفس الوقت تتطلب المباردة من الطرف الأول أي ” النظام” البدء بتقديم التنازلات لشعبه فوراً
    اطلاق سراح المعتقلين..تأمين النازحين..التكفل باللاجئين ووقف القصف العشوائي
    عندها فقط يمكن القول أن مرحلة الحوار الوطني قد بدأت ومن لم يستجب لها يصبح فعلياً في نظر الشعب السوري العنصر المخرب في هذا الوطن
    وللحديث بقية

شارك برأيك

يسرنا قراءة إضافاتكم، لكن مع التنويه أن النشر على الموقع سيقتصر على المشاركات البناءة و النوعية، و لا نضمن أن يتم إدراج كل المشاركات