أصبحت كلمة الدولة لدى أغلب المواطنين السوريين مرادفاً للتعسف وللاعتباط وللفشل، يراها عندما تطرده من مسكن تعده عشوائياً، عندما تقمعه، عندما ترفع الدعم عن سلعة ما، وعندما تضرب بالعدالة عرض الحائط في أحكام قضاتها. أما عندما يحتاج المواطن الدولة فعلاً فإنه يفتقدها فلا تردّ، يلتفت إلى نقابته فلا تجيب، وكذا هي الحال خصوصاً في الأرياف عندما لم تساند المزارعين والفلاحين الذين تضرروا من الجفاف. على مدى ما يقرب من خمسين سنة، احتكر النظام الدولة شيئاً فشيئاً وأفرغها من محتواها فلم تبق فيها عملياً إلا المؤسسات الأمنية والقمعية. “هيك بدها الدولة”، “بيتي أخدت لي ياه الدولة”. اليوم يحتاج السوريون والسوريات إلى مفهوم مطَمئن للدولة: مؤسسات تعمل، قضاء مستقل، هيئات يُركَن إليها تتصرف بموجب القانون. بكل بساطة يحتاج السوريون إلى مجموعة مؤسسات يعرفون الطريقة التي تصرّف بها أعمالها ويمكن لهم التنبؤ بردود أفعالها.