المواطن السوري مفطور على المشاركة ، ومهما بالغ في إظهار بعض المشاعر المذهبية وغيرها التي تتنافى مع المشاركة ، لكنها ليست أصيلة فيه ، بل طارئة ، لذلك أستطيع التأكيد ، أن ممّا يؤرقه ويشكّل هاجساً مخيفاً ، تصور بلاده قطعاً متناثرة ، وحواجز معلنة أو غير معلنة ، تقوم على جغرافيته .
بعد خروج الجيش العربي السوري من لبنان ، أقيمت في جميع المدن السورية ، ما يعرف بـ ( خيمة الوطن ) ، يتجمع الناس في هذه الخيمات ، تعبيراً عن دعمهم للجيش ، لأن شعوراً غير مريح رافق هذا الخروج وطريقته . لكن المهم في الأمر ، أنه تكرر أمامي في أكثر من مرة ، أنه لم يكن للسلطات يد في إقامة هذه البادرة ( خيمة الوطن ) .
في مدينة صغيرة ، مجاورة لمدينتي الصغيرة ، حيث كنت أتردد إليها ، وبعد حرب تموز 2006 ، لم تبقَ سيارة ، ولم يبقَ محل تجاري ، وربما في المنازل ، إلا وعلقت صور السيد حسن نصرالله ، وما أكره ذكره أن هذه المدينة سنية مئة بالمئة ، وقُصّتْ اللحى على طريقة لحية السيد .
ما الذي جرى في السنوات الأخيرة بعد عام 2007 وصولاً إلى 2011 ؟؟ أي مخطط وُضِعَ لتلكَ الروح عند المواطن السوريّ ، ومن شاركَ في إنجاحه ؟؟
إنّ ميزة كبرى يمتلكها المواطن السوريّ ، تتمثّل في وطنيته وعاطفته وعنفوانه ، وبعده عن المشاعر الدينية المستفزّة …….، قد جرى العمل بصورة فائقة الدقة لإفقاده هذه الميزة ، التي كانت السبب في تحمّل كل فساد وبكل أصنافه وأنواعه ، بما فيه ذلك الذي يدفع على الشعور المذهبي ، ولولا هذه الروح لكانت المحنة قد وقعت قبلاً ، لكنها كانت حصناً مميزاً ، وقد جرى تخريبه سراً ، وأدخل إلى جوفه حصان طروادة ليلاً .