مصير المعتقلين والمطلوبين أمنياً والمهددين بالعقاب من مسلحي الثورة

تشعبت قضية المطلوبين والمعتقلين، فبعد أن كانت مرتبطة فقط بالجهاز الأمني للسلطة، ظهرت خلال مرحلة متقدمة من الأزمة مسألة المخطوفين من قبل المعارضة المسلحة التي اتخذت في بعض جوانبها شكلا شبيها بالاعتقال ، لكن “الاعتقال” بمجمله يبقى مرتبطا بملف قديم وخاص بالنظام السياسي.

مع بداية الحدث السوري تزايدت أعداد المعتقلين والمطلوبين أمنيا، وذلك قبل أن تتطور الاحتجاجات إلى “نزاع مسلح”، وتفاقم الأمر على امتداد شهور الأزمة وظهر ما يمكن تسميته بـ”فوضى الاعتقال” التي ترافقت مع “فوضى إطلاق سراح المعتقلين”، وهي عملية تتم تحت عنوان فضفاض (ممن لم تتلطخ أيديهم بالدماء) بشكل يتيح خلط المعايير وحسب رأي البعض يزيد من علاقة التضاد والنفي بين المواطن ودولته.

لم يؤثر إلغاء حالة الطوارئ على كافة التفاصيل الخاصة بمسألة الاعتقال، ويبقى حسب رأي شريحة من المجتمع خوف الناس من أن يتم الاقتصاص منهم، أو توريطهم دون وجه حق في هذه القضية أو تلك لاحقاً، مما يستدعي مأسسة هذه القضية ضمن شروط شفافة واضحة للجميع، وعلى أسس قضائية.

بعض الاتجاهات السورية تجد أن المدخل لبحث مصير المعتقلين هي بالمصالحة الوطنية التي تم إهمالها منذ الصراع مع الإخوان المسلمين بداية الثمانينات، ويعطي أصحاب هذا الرأي أهمية للمصالحة في الحفاظ على الهوية السورية وسط محيط عربي وإسلامي متعدد الأعراق والمذاهب، وهي الهوية التي ستسمح لأي سوري بالإحساس بالعزة في بلده، لكن المصالحة لا تملك مفهوما موحدا لدى كافة الأطراف السورية فالبعض يفهمها كإجراء بعد تحقيق الانتصار، بينما يرى آخرون أنها لا تعني إلا تحقيق كافة أهدافهم التي فشلوا في تحقيقها بقوة السلاح، مما يستوجب البحث عن فهم موحد لقضايا المصالحة الوطنية.

في المقابل فإن تصفية ملف المعتقلين وضبط مسائل الاعتقال وتحقيق المصالحة ترتبط بحالة إجرائية أساسية متعلقة بـ”المسلحين”، والسلطة التي أصدرت عفوا متكررا لمن حمل السلاح “ولم تتلطخ أيديهم بالدماء” فإنها تتعامل مع ظاهرة التسلح وليس “المسلحين” كمجموعات لها مرجعياتها المختلفة، ومن هذه الزاوية فإن بعض الاتجاهات المعارضة تجد ضرورة “اشراك المسلحين في المنظومة الامنية” وفق مناطقهم، وفي هذا التوجه هناك تأكيد على خلق آليات عابرة للسلطات فيما يتعلق بآلية التعيينات في ادارة الامن وفي الجيش لضمان عدم الانقلاب على أية صيغة للحل ولضمان عدم فوضى السلاح والمسلحين إن خرجوا عن معادلة الحل.

بعض من يتبنون هذا الاتجاه يرون ضرورة التمييز بين المجموعات المسلحة قبل القيام بأي إجراء، لأن بعض المجموعات، وهي المنتشرة بقوة اليوم، تنتمي لمجموعات تكفيرية وعدد من عناصرها غير سوريين، في نفس الوقت لا يمكن الانتظار لما بعد الأزمة لإيجاد حل. فأحد مسببات استمرار العنف هو خوف المسلحين من مصيرهم إذا توقف العنف. في الوقت الذي تخاف شريحة كبيرة مما تم تسميتها بالموالية للنظام (شبيحة النظام) بالقصاص الذي تتوعد به المعارضة في حال انتصارها.

4
2
Thank you for your feedback

تعليقات

  1. محمود حسينو

    وماذا عن مصير المجرمين من قتلة المدنيين من طيارين وجنود ومليشيات الشبيحة، من سيمنحهم العفو؟ هل فكر أحد الجهابذة المشاركين في إجابة لهذا السؤال؟

  2. Naim Nazha

    Full amnesty after settlement,to all opposition and government, Syrians can not build Syria with hate,

  3. رامي كوسا

    رأي شخصي

    إن الحديث عن نزع الفتيل المسلّح من بدنِ المشهدِ السّوري باتَ في حيثيّته التنفيذيّة بعيداً عن الواقع بعدنا (نحن السّواد الصامت) عن صنّاع هذا الفتيل.
    وفق المتواليات الهندسيّة فإن الصّيغة الفعّالة لحلّ أزمة ما تبدأ بتشخيص أسباب هذه الأزمة وفرض نمط من نمطين أساسيين على درب العمل العقلاني وهما:
    1- التعامل مع النتائج الطّافية إلى السّطح (من جملة نتائج الأزمة) والعمل على كنسها كلّما أنجبت جيلاً جديداً يتقن الطفو ويعاند ثقافة السّراديب وهذا الحلّ في وجهة نظري الشّخصية واجب التطبيق وعمليّ تماماً عندما نتحدّث عن طرف مسيطر يمتلك قدرة مطلقة على تكرار عملية الكنس هذه في كلّ مناسبة ومتى شاء (هذا التّوصيف لا ينطبق على المُعطى السّوري في أي حال).
    2- بتر جذور الأزمة الأمر الذي يتطلّب مجهوداً أكبر من المعالِج وبالمعادل الواقعي الصّرف فإنّ معالجة المظهر المسلّح من قبل الدّولة (الدّولة وليس النظام) يعني اعتراف الدّولة بكتلة هذا المظهر وكينونته والمصادقة على قدرته الفاعلة على الأرض لتكون هذه الخطوة مقدّمة لتفاوض واسِع يهدف إلى تسوية وضع هذا السّلاح بعد تقديم ما يسمّى اصطلاحاً بـ (التنازلات) السّياسيّة من قبل المفاوض أو المعالج (الدّولة).

    أنا من أنصار الحلّ التاني في سوريا
    من أنصار التقارب مع الشريحة الكبرى من الجسد المسلّح وإعادة ما أمكن من تعدادها للسّلوك الطبيعي والمنهج الإنساني في الحياة، بالنتيجة رح يتحوّل ما تبقّى من الجسد المسلّح لأقليّة تنطلق من أرضيات مختلفة تجب تسويتها (تسوية الأرضيات) بصورة متقطّعة وصولاً إلى التعافي الكامل وهي بنظري مهمّة مرهقة جدّاً وتحتاج زمناً يعادل ضعفي عمر الأزمة (حسب العلوم العسكرية).
    آسف عالإطالة.
    وشكراً.

  4. يوسف موصللي.

    أعتقد أن حل هذه المعضلة التاريخية و المستحدثة أيضاً بشكل عادل و حقيقي يحتاج لجسم قضائي مستقل و نزيه و هكذا قضاء هو مشروع بناء مستقبلي و لن يستطيع أن يحل مشاكلنا اللحظية , لذلك أرى أن حلحلة هذه المسائل العالقة يجب أن تتم عن طريق ثنائية (مصالحة-تسوية) تعتمد العمل وفق منهج عام لكن مع تخصيص محلي و مراعاة لظروف كل منطقة و مشاكلها القديمة و الجديدة ..و هكذا نكون قد اعتمدنا على حل نسبي مؤقت يبقى أفضل من لا حل في هذه المرحلة على اعتبار أن الحل الحقيقي سيأخذ الكثير من الوقت .

  5. محمد سيك

    يجب ان يكون هناك حل لكل المسلحين سواءا المعارضين منهم او الموالين السلاح بين ايديهم سيشبع ارض الوطن بالدماء وقد يغرق الوطن بهذه الدماء اما ان الوقت ليصمت الرصاص ويضع الكل سلاحه جانبا وننتقل الى حل سلمي ليس لاجل احد بل لاجل وطن بات بامس الحاجة الى ابنائه ليكون سويا مجتمعين على طاولة واحدة ليكونوا قادرين على ايقاف اي مخطط يستهدف تقسيم سوريا نحن سمعنا الشتائم من هنا ومن هناك على الفضائيات وعلى صفحات الفيس البووك وعلى كافة الوسائل الاعلامية هل قادنا هذا الى حل الازمة الم يحن الوقت كي نعي ان هذه اللغة ومؤتمر الاصدقاء ومؤتمر الاعداء وغيرها من اجتماعات مجلس الامم المتحدة هذا بالاضافة الى تراشق التهم وتبادل الشتائم بين الطرفين كل هذا وغيره لن ينفعنا شيئا ولن ينفع سوريا بشيء سوريا الان منكوبة وكل عائلة فيها منكوبا نحتاج الى جراة وتنازل من الجميع من اجل خروج سوريا وشعبها من هذه الازمة لنوقف حمام الدماء الذي لم يعد مقبولا لا من الله و لا من الانسانية ولا من اي قيم من قيم الحرية والوطنية
    م.محمد سيك

شارك برأيك

يسرنا قراءة إضافاتكم، لكن مع التنويه أن النشر على الموقع سيقتصر على المشاركات البناءة و النوعية، و لا نضمن أن يتم إدراج كل المشاركات