News and Opinion:
كيف يفكر السوريون (داخل سوريا) بالمساواة بين المرأة والرجل

كيف يفكر السوريون (داخل سوريا) بالمساواة بين المرأة والرجل

نضال الخضري

مقدمة

تدخل هذه القراءة إلى مسألة المساواة لرصد التفكير الاجتماعي بعد سنوات الحرب، ولمعرفة واقع المواقف تجاه قضايا المرأة عموما ونوعية التبدلات إن وجدت، فتصميم البحث تعمد توسيع دائرة الشرائح المشاركة، وطرح أسئلة متنوعة تقوم بمسح عام لمجمل الإشكاليات الخاصة بالمرأة، ورغم أن قراءة البيانات كانت عامة ولم تدخل في تأثيرات تفاصيل الشرائح المشاركة، وفي العوامل التي يمكن عبرها تمييز المواقف من قضايا المرأة تبعا للمستوى الثقافي أو الاجتماعي أو غيرها، إلا أن هذه المواضيع ستتم قراءتها بشكل تفصيلي في دراسات لاحقة، والمشهد البانورامي العام هو لبناء تصورات يتم عليها قراءة العوامل الإضافية والتي سيخصص لها بحث خاص.

جاء البحث ضمن مجموعة من الأسئلة التي يمكنها تشكيل رؤية جديدة حول تفكير السوريين بالعلاقة بين المرأة والرجل، وكيف ينظرون الى إشكالية المساواة بينهما، وإلى العوامل الأساسية في هذه العلاقة سواء كانت بيولوجية أو ثقافية مكتسبة مثل الدين والعقلية الاجتماعية والقوانين، كما أنه يقدم صورة للإشكالية الأساسية داخل كافة المواضيع الاجتماعية الخلافية، فالتوازن داخل معادلة المناصرين للمساواة والمعادين لا يشكل واقعا ساكنا، فهناك عوامل كثيرة تؤثر وجملة تفاصيل مرتبطة بالواقعين الثقافي والمادي إضافة ما قامت به الحرب، فهذه العوامل أضاء البحث عليها كونها ممكنات تغيير.

man woman

منهجية البحث

اعتمد البحث على جمع بيانات من 435 فرد من كل أنحاء سوريا، يشكلون شريحة عشوائية مختلطة بمختلف المقاييس، وتم طرح 22 سؤالا 15 منها مرتبط مباشرة بالمساواة بين الجنسين، وتمثل وجهات النظر عن دور المرأة وفق وجهة نظر تقليدية، حيث تمت صياغتها من زاوية محافظة، مثل “مكان المرأة في البيت” أو “من غير اللائق أن تعبر المرأة عن رأيها في الأماكن العامة”، وستة أسئلة تمثل الآراء التي تعتبر “متقدمة” مقارنة بالاتجاهات المحافظة بخصوص المرأة، مثل “خلق المزيد من الفرص بالنسبة للنساء يجب أن يكون أحد أهم أولوياتنا “و” يجب أن يحصل الرجال والنساء على أجر متساو”، بينما تم في بعض الأسئلة اختبار العوامل المختلفة التي تكون وجهة النظر تجاه المرأة.

أولا – الأسئلة المطروحة:

يمكن تقسيم الأسئلة إلى أربع فئات هي:

التفكير الاجتماعي بأدوار المرأة: تم طرح ستة أسئلة عنها مثل هل دور المرأة الأول الاعتناء بزوجها.
كيف يفكر المجتمع بمفهوم المساواة بين الرجل والمرأة: من ناحية الأجر والذكاء وحقها بالجامعة وتأمين فرص العمل، وتفضيل مفهوم العدالة على المساواة.
الحقوق والدستور والقانون: لم يدخل الاستبيان بأسئلة تفصيلية بل طرح سؤالين عامين: هل يحقق الدستور وقانون الأحوال الشخصية المساواة بين الطرفين، وهل قدمت الحرب إمكانية لإحداث تغيير في الحقوق.
أسباب عدم المساواة بين الرجال والاناث: جاءت بصيغة اجمالية بسؤال، وفصلت بأسئلة ثلاثة عن علاقة ذلك بالتعليم والدين والحجاب.

ثانياً- الشريحة المستهدفة:

تم استهداف شريحة من النساء والرجال بآن معا، وتم التعامل مع الشريحة وفق التالي:

منطقة الاستبيان: السوريات والسوريون داخل سوريا وضمن مناطق تواجد الدولة، فالاستبيان لا يتناول المساحات التي لاتزال ضمن جغرافية الصراع، مع الأخذ بعين الاعتبار أن التجمعات الكبيرة مثل دمشق تحوي الكثير من الأفراد الوافدين إليها نتيجة الحرب، فالمشاركون من مدينة دمشق يمثلون ثقافات مختلفة، بعضها ريفية نتيجة الهجرة من الغوطة الغربية والشرقية على سبيل المثال، أو من محافظات أخرى، ويظهر هذا الأمر أيضا في المشاركين في مدن الإقليم الساحلي حيث يحوي أيضا نازحين من ريفي حلب وإدلب وحماه، وتظهر البيانات الخاصة بمكان الولادة التنوع في المناطق والمختلف تماما عن مكان الإقامة الحالية.

1

 

إذا حاولنا قراءة المشاركين وفق مكان تولدهم وسجلهم المدني فإننا سنحصل على توزع مختلف:

2

 

المستوى التعليمي: تم اعتماد تقسيم اليونيسكو لشرائح التعليم، وهذه الشرائح تظهر بقاء مستوى التعليم الجامعي ضمن الحدود المرتفعة، ولكن هذا المؤشر يجب أن يؤخذ بحذر عند تعميمه على المستوى الوطني العام، فالشريحة التي شاركت بالاستبيان هي في النهاية من الشرائح الأكثر استقرارا والموجودة ضمن التجمعات المدنية الكبرى عموما، فنسبة أصحاب الشهادات الجامعية الذين يشكلون أكثر من نصف المشتركين تعبر عن أكثر الشرائح تجاوبا مع الاستبيانات، وهناك ملاحظتين أساسيتين في هذا الأمر:
الأولى: إن النسبة العالية لأصحاب الشهادات الجامعية سببها أن الشريحة العمرية من 18 إلى 30 أغلبها دخل إلى الجامعة أو تخرج منها في السنوات الأولى من الأزمة، ولكننا لو أجرينا الاستبيان بعد عدة سنوات فمن المحتمل تبدل هذه النسبة لأن عدد المتسربين من المدارس سيظهر لاحقا من خلال كم الطلاب الملتحقين بالجامعة، كما ستظهر بوضوح أكثر تأثير الأعداد التي التحقت بالجيش بعد الشهادة الثانوية مباشرة.
الثانية: إن توزع الشرائح حسب المستوى التعليمي يمكن استخدامه كمؤشر في تحديد الموقف من قضايا المرأة، ولمعرفة ارتباط نوعية الأجوبة مع السوية التعليمية للمشارك، وهو أمر أساسي يمكن تخصيص دراسة مفصلة عبر قراءة لهذا العامل (المستوى التعليمي) بشكل منفصل.

3

 

الطبقة الاجتماعية: تم اعتماد أيضا تقسيمات مرتبطة بالوضع المادي وفق النظرة السائدة داخل المجتمع السوري، واستخدمت البيانات الخاصة بهذا الأمر كمؤشر لدراسة الأجوبة وتأثير المستوى المادي على الموقف من مسائل المساواة بين الجنسين، والمستويات المطروحة لا يمكن مقارنتها مع معايير الهيئات الدولية، فالطبقة المتوسطة حيث لا يمكن قياس الطبقة المتوسطة الدخل في سورية على أي معدل دخل وسطي معتمد دولياً، فالطبقة المتوسطة كما وردت في الاستبيان تعبر عن شريحة تملك دخلا ثابتا بالعموم، وتنتمي لبقايا الطبقية المتوسطة قبل الأزمة.

4

 

طريقة الحصول على الاستبيان: تم الحصول على نصف الأجوبة عبر اللقاءات الشخصية المباشرة، أما الباقي فمن خلال البريد الالكتروني لأفراد لهم توجهات متعددة، وينتمون لشرائح متعددة، ويوضح الرسم البياني نسبة المشاركين وفق الجنس.

5

 

ثالثا – منهجية قراءة البيانات:

انصب التركيز على قراءة الأسئلة التي تعكس التفكير الاجتماعي بأدوار المرأة، بينما اُستخدمت باقي الأسئلة المتعلقة بوصف واقع المرأة على مستوى التشريعات أو الثقافة السائدة كمؤشرات فقط لتبيان العوامل التي تؤثر على رؤية المشاركين لأدوار المرأة، كما أن الشرائح العمرية المشاركة يمكن أن تقدم تفصيلا عن تأثيرات الحرب على الموقف العام للأجيال، وهو أمر لا يدخل في صلب هذه الدراسة لكنه يشكل نواة لدراسات قادمة يمكنها تفصيل الشرائح العمرية وقراءة التفاوت فيما بينها، في المقابل فإن الاستبيان الموزع يطرح مجموعة أسئلة تدخل في صلب الإشكاليات الاجتماعية مثل موقع الدين أو التشريعات أو البيولوجيا، والهدف من هذه الأسئلة معرفة التفاوت ما بين الموقف الاجتماعي والموروث الثقافي، فهناك أسئلة معيارية غرضها التعامل مع النسب المتقاربة التي تؤدي إليها الكثير من الاستبيانات.

رابعاً- الفروض:

معظم الأسئلة متعلقة بقناعات المشاركين التي لا تستند للبنية التشريعية بل للثقافة الاجتماعية، والإجابات قدمت كافة الخيارات وحملت خمسة فروض أساسية:

أولا: أوافق بقوة وتعني الاقتناع والممارسة لفحوى السؤال.
ثانيا: أميل إلى الموافقة وتعبر عن الاقتناع مع عدم القدرة على الممارسة بشكل كامل.
ثالثا: أرفض بشدة وتنقل حالة اقتناع وممارسة معاكسة تماما للسؤال.
رابعا: أميل إلى الرفض وتعني عدم اقتناع مع وجود عوائق تمنع ممارسة الحالة المعاكسة للسؤال.
خامسا: لا أعرف وهي نتيجة عدم الخبرة بمضمون السؤال.
بالنسبة للأسئلة التي تحوي إجابات متعددة فهي تنقل القناعات المختلفة لدى المشاركين بالاستفتاء.

الأسئلة:

دور الزوجة الأول هو الاعتناء بزوجها

مكان المرأة في البيت

من المحتمل أن يسبب كسب المرأة مالا أكثر من زوجها الى مشاكل

ليس لائقا أن تعبر المرأة عن أراءها في الأماكن العامة

من الجيد للنساء أن يصنعن مهنة خاصة بهن

يجب أن يكون أجر النساء والرجال بالعموم متساو

المرأة اجمالا كائن مُضطهد في سوريا

يجب على الرجال قضاء المزيد من الوقت في الاعمال المنزلية

النساء والرجال متساوون

أيهما أكثر ذكاءً الجامعة أكثر أهمية

من هو المسيطر

يجب أن يكون خلق المزيد من الفرص للمرأة من أهم أولوياتنا بسوريا

هل تفضل/ين فكرة العدالة بين الرجال والنساء على المساواة؟

هل يكفل الدستور السوري المساواة بين المرأة والرجل؟

هل فرض الحجاب على المرأة حالة من حالات عدم المساواة؟

هل يمكن تطبيق المساواة بين الرجال والنساء في كل مجالات الحياة؟

هل للدين تأثير سلبي على تحقيق المساواة بين الرجال والنساء؟

هل للمستوى التعليمي أثر بتحقيق المساواة بين الرجال والنساء؟

هل سبب عدم المساواة بين الرجال والنساء: البيولوجيا، العقلية الاجتماعية، المرأة، الرجل، الدين، عدم التعليم

هل أدت الحرب الى تغيير النظرة الى المساواة بين الرجال والنساء؟

هل قانون الأحوال الشخصية يحقق المساواة بين الرجال والنساء؟

تحليل البيانات

تضم الشرائح المشاركة نسبا عمرية متفاوتة ما بين 18 عاما وصولا إلى ما فوق 60، فإذا حاولنا تقسيم الشرائح العمرية سيظهر لنا أن الشريحة الأولى (18 حتى 30) هي الأكبر من المشاركين، وهي بالإجمال تعطي صورة أولية عن جيل تعرض لأعنف المتغيرات، سواء عبر تدهور حالة التعليم، أو من خلال ظروف الحرب التي أدت إلى خروج عدد كبير منهم للعمل كمقاتلين في الجيش، أو دفعتهم مباشرة إلى سوق العمل نتيجة الظروف الاقتصادية المتعثرة في سورية.

الشريحة الأولى من 18 حتى 30.
الشريحة الثانية من 31 حتى 40.
الشريحة الثالثة من 41 حتى 50.
الشريحة الرابعة من 51 حتى 60.
الشريحة الخامسة فوق الستين.

6

 

ونسجل هنا أربع ملاحظات أساسية:

الأولى كل شريحة تقدم مؤشرا خاصا، ويمكن عبر قراءة بيانات كل شريحة بشكل مستقل معرفة حجم التباين في المواقف عبر تتالي الأجيال، فالشريحة الشابة على سبيل المثال 23% منها توافق بقوة على أن الدور الأول للزوجة هو الاعتناء بزوجها و 19% يرفضون بشدة هذا الأمر، بينما تتغير هذه النسبة في الشريحة الثانية (31 إلى 40) ليصبح 31% موافقون على هذا الدور و 21% يرفضون هذا الدور.

7

 

الثانية: بالنسبة للشريحة الأولى (18 حتى 30) فهي نشأت في ظل ظروف استثنائية وهو ما يؤشر إليه انخفاض نسب الدراسات العليا أو التحضير لها عند الذكور بينما ترتفع نسبة التعليم الجامعي كونه المخرج الوحيد للبقاء في الحياة المدنية وتأجيل الخدمة العسكرية الإلزامية، ورغم ذلك عند المقارنة بين الجنسين تتفوق الإناث في الدراسات الجامعية بسبب ظروف الذكور المعيشية.

8

 

والملاحظ هنا العلاقة ما بين المستوى التعليمي والموقف تجاه المرأة، فالحاصلون على الدراسة الثانوية لديهم موقف أكثر تشددا حول دور الزوجة الأول هو الاعتناء بزوجها، فـ 49% منهم يوافقون بقوة على هذا الدور و 22% منهم يميلون إلى الموافقة، بينما تتغير هذه النسبة بشكل إيجابي لدي حملة الشهادة الجامعية فـ 19% فقط يوافقون بقوة على هذا الدور و 22% يرفضونه بشدة بينما 29% يميلون إلى عدم الموافقة.

9

 

91
الثالثة: إن الشريحتين الأولى والثانية اللتين تشكلان 26% من المشاركين تعكسان طبيعة سوق العمل عموما، فمن الإناث هناك ما يقارب النصف خارج سوق العمل، بينما عند الذكور فالأغلبية هم خارج صفوف العمل وعلى الأخص أصحاب الشهادات الجامعية.
الرابعة: إن باقي الشرائح هي الأكثر استقرارا من حيث الرأي أو التواجد في سوق العمل كما أنها تتجه بشكل متصاعد نحو آراء محافظة أكثر تجاه المرأة ابتداء من الشريحة الثالثة ووصولا إلى الشريحة الخامسة.

93

 

الموقف من أدوار المرأة

تقدم بيانات الاستبيان حالة نمطية لانقسام المجتمع حيال كافة المسائل الخلافية، فهناك كتلتين أساسيتين متقاربتين من حيث الحجم عندما يتعلق السؤال بواجبات المرأة، مثل دور الزوجة تجاه زوجها، وفي حال تبديل شكل السؤال ليصبح ضمن صيغة تقريرية مثل: “مكان المرأة البيت” فإن الغالبية تتجه نحو رفض هذا الدور الذي لا تتضح فيه نوع الواجبات التي ستقدمها المرأة:

94

 

إن ما يقارب نصف المشاركين يرفضون بشدة أن يكون مكان المرأة في البيت، بينما أكثر من النصف يوافقون بشكل متباين (ميل للموافقة أو الموافقة بشدة) على أن دور الزوجة الأول هو الاعتناء بزوجها، علما أن هذا الدور يتطلب أن يصبح البيت هو مكان المرأة الطبيعي، في المقابل فإن امتلاك الزوجة سلطة اقتصادية أقوى من زوجها يوضح أن هناك حدودا ماتزال تحكم موقع المرأة، ويوضح توزع الإجابات حول إمكانية ظهور مشاكل في حال كانت الزوجة تكسب مالا أكثر من الزوج؛ أن 23% يوافقون بقوة مقابل 14% يرفضون بشدة هذا الأمر، ويظهر الميل إلى الموافقة (35%) أن الكتلة الأكبر من المشاركين تنظر بتوجس إلى تحكم المرأة الاقتصادي بحياة الأسرة، وبمقاربة هذه الأرقام مع سؤال آخر حول من هو المسيطر الرجل أم المرأة فإن غالبية المشاركين اعتبروا أن الذكور يتحكمون (48%) في مقابل 39% اعتبروا أن لا تفضيل بين الاثنين، بينما يأتي موقع المرأة متأخرا في هذا الموضوع حيث رأى 9% فقط أن المرأة هي التي تسيطر، وهذه النتيجة تؤكد أن سلطة المرأة الاقتصادية أو حتى الاجتماعية ماتزال محدودة بشكل كبير.

95

 

يرتبط موقع المرأة الاجتماعي بأدوارها كما يوضح الاستبيان، ويمكن هنا تسجيل الملاحظات التالية:

هناك اتجاه قوي في النظرة إلى موقع المرأة بعيدا عن الشكل النمطي التقليدي فــ”51%” يرفضون بشدة مقولة “من غير اللائق أن تعبر المرأة عن رأيها في الأماكن العامة”، وهناك ميل لاعتبارها كائن مضطهد، والغالبية ترى ضرورة أن يقضي الرجال وقتا أطول في الأعمال المنزلية، وهذا التوجه في الرأي يدل على تطورات في “أشكال” النظرة للمرأة.

96

 

إن شكل النظرة لموقع المرأة ودورها لا يعكس مجموعة القيم الناظمة لهذه الأدوار، فالكتلة الأكبر من المشاركين لا ترى أن الحجاب أحد أشكال عدم المساواة، وهناك توازن بين من يوافقون على تأثير الدين أو عدم تأثيره على مسائل المساواة.

97

 

بالأجمال هناك نظرة واضحة حول ضرورة تمكين المرأة، ومحاولة للخروج من عمليات التمييز خصوصا في مسألة الأجر، وخلق فرص عمل لهن وبأن الجامعة ضرورية بنفس القدر للذكور والإناث.

98

 

المعرفة القانونية بحقوق المرأة تبدو منقسمة رغم ميل الكتلة الأكبر من المشاركين لاعتبار الدستور السوري لا يكفل المساواة، ولكن في نفس الوقت فإن غالبية المشاركين يفضلون العدالة على المساواة. وبالنسبة لقانون الأحوال الشخصية فما يقارب ثلث مشاركين لا يعرفون إن كان يحقق المساواة أم لا، بينما رأى 42% أنه لا يحققها.

99

 

991

 

يرى ما يقارب 54% من المشاركين أن الحرب أدت إلى تحولات في النظرة إلى مسألة المساواة، بينما 29% لا يعرفون تأثيرات الحرب على هذه المسألة، كما أن هناك 35% رأوا أن العقلية الاجتماعية هي السبب في عدم المساواة في مقابل 10% حملوا البيولوجية هذا الأمر و6% أضافوا البيولوجيا والدين إلى العقلية الاجتماعية.

قدم الاستبيان صورة بانوراميه عامة عن واقع التفكير بأدوار المرأة وبمسألة المساواة على وجه التحديد، ونلاحظ من نتائج تحاليل البيانات ما يلي:
أن ظروف الحرب لم تبدل كثيرا من توزع المجتمع بين كتلتين أساسيتين متناقضتين في طبيعة النظرة، فالمساحة وفق المؤشرات الأساسية لم تخلق اتجاهات فكرية وثقافية جديدة، بل ربما أدت لتكريس المواقف السابقة لمرحلة ما قبل الحرب.

إن موقع المرأة عموما ضمن الحياة العامة ودورها الإنتاجي يصعب تغييره، فهناك اتجاه كبير وقوي حول ابقاء هذا الدور ليس لأسباب اقتصادية فقط، بل لأنه أصبح أمرا واقعا نتيجة التشريعات والتحولات الثقافية السابقة للحرب.

من المهم ملاحظة الفوارق في الأجوبة ضمن الشرائح العمرية والمستوى التعليمي، فكل شريحة تعطينا مؤشرات على التأثيرات التي تركتها الحرب على الأجيال وخصوصا الشريحة الشابة، كما يمكن دراسة النظرة للمساواة وفق المستوى التعليمي والوجود في سوق العمل أو خارجه، فبالرغم أن النظرة العامة تؤيد أن قضية المرأة لم تتغير كثيرا، لكن العوامل الإضافية التي يمكن أخذها بعين الاعتبار سواء ضمن الشرائح العمرية أو غيرها ستعطينا مسارا لتطور قضايا المرأة بشكل عام.
لمعرفة مسار دور المرأة داخل المجتمع السوري لا بد من إجراء قراءة ثانية تتم فيها مقاربة ما بين أجوبة النساء والذكور ضمن نفس الاستبيان، وهو موضوع قادم يتم العمل عليه حاليا عبر تحليل البيانات الخاصة بكلا الجنسين.

أخيرا فإن الاستفادة الحقيقية من أي بيانات بشأن المرأة هي في قراءة العمليات التنموية الحالية، ومقاربتها مع نتائج البحوث الميدانية المتوفرة وعلى الأخص لدى مؤسسات الدولة، فالعمل التنموي اليوم يحتاج إلى (Data Science) لمعرفة الاحتياجات التنموية وبناء قياس صحيح لنتائج التنمية بشكل عام.



Comments (0)


There are no comments for this post so far.

Post a comment