News and Opinion:
إعادة الإعمار

من إعداد

نضال الخضري / مازن بلال / كميل أوتراقجي
مشروع الحوار السوري

خلفت الحرب عناوين صعبة ومعظمها تدخل ضمن الأوراق السياسية التي يمكن طرحها لتحديد شكل سورية مستقبلا، وبغض النظر عن الصراعات الدائرة عبر المؤتمرات والتحرك الدبلوماسي؛ فإن سورية حتى اللحظة لم تشهد رؤية واضحة يمكن الاستناد إليها لعودة الاستقرار المستدام، ويبدو “إعادة الإعمار” عنوان إشكالي يمكن أن يتشابك مع كافة المسائل الأخرى المرتبطة بالمستقبل السوري.

لكن إعادة الإعمار يُنتج هوامش افتراضية في كثير من الأحيان؛ بعضها يتعلق بتكاليف هذا الموضوع، وبعضها الآخر يرتبط بأحلام إنتاج عمران قادر على إنهاء المشاكل السكانية والبيئية، وبالتأكيد فإن من يعرف الجغرافية السورية يدرك فورا حجم “المدن المنسية” أو “القلاع” التي بقيت لقرون مجرد عمارة مهجورة، ويعرف أيضا أن المدن السورية دمرت أكثر من مرة وعاد بعضها للظهور دون أن تتبدل كثيرا في مظهرها أو حتى وظائفها، فالإعمار السوري كان في كثير من الأحيان احتياجا لتشكيل الدولة، وسورية كما نعرفها قبل 2011 تطورت وفق سياق استراتيجية توزيع “القوة” في داخلها والمخاطر التي تهددها من الخارج.

reconstruction graphic 474

عمليا فإن إعادة الإعمار كعنوان دولي لا يعني الذهاب بقوة نحو دعم سورية، بل إنهاكها واستنفاذ طاقتها أحيانا، وفرز القوى الموجودة فيها أيضا كما حدث في لبنان عندما ظهر مشروع إعمار وسط بيروت، ورغم أن الموضوع في سورية أعقد بكثير لكنه لا يخرج بالنسبة للمؤسسات المالية الدولية عن النموذج اللبناني، فالإعمار القادم من خارج سورية سيلعب بالخارطة السياسية شئنا أم أبينا.

في الحوار التالي صورة واضحة عن إشكالية إعادة الإعمار عندما تتم على هامش الحروب، فهي تتحرك على خطوط الاحتياجات الضرورية لإنهاء معاناة السكان ولكنها محاطة بالمخاوف من قبل جميع المشاركين على اختلاف اختصاصاتهم، ففي هذا الحوار محاولة لـ”إسقاط” الشرط السياسي والتعرف على مسائل “إعادة الإعمار” من السوريين أنفسهم، فالشريحة عشوائية من حيث الاختصاصات ولكنها في نفس الوقت تمثل سياقا عاما ينظر بترقب لسورية ما بعد الحرب، فإعادة الإعمار موضوع شائك ويتجاوز مسألة إبداء الرأي حتى من اختصاصي، لأنه في النهاية جدل مخاوف وطموحات ورؤى لم تفرقها الحرب فقط، بل أيضا النظر لتبعات ما بعد الحرب ولتأسيس واقع يمنع تكرارها مستقبلا.

هذه الخطوة للحوار ضرورية حتى ولو لم تحيط بكافة مسائل هذه القضية الشائكة، فهي مكاشفة حقيقية لتفكير السوريين خارج الشكل الرسمي الذي تفرضه المؤتمرات أو اللقاءات الإعلامية لأنه يقدم نقطة انطلاق ضرورية للتعامل ليس فقط مع إعادة الإعمار بل مع معظم القضايا السورية

سنان حسن

مصمم واستشاري معماري

بروفسور في الجامعة الأمريكية في بيروت

-1-

تتصاعدُ وتيرة الأسئلة مع تصاعدِ أعراضِ ونُذُرِ حُمّى وافِدةِ العمران، والاندفاعةِ المتصاعدة، تزاحماً وتدافعاً وتجمهراً، بانتظار القفزِ إلى قطارِ الإعمار (حتى قبلَ أن يُفرِغَ حمولتَه من جثامين شهداء ينتظرُها ذوهم، ومثاويهم المتواضعة، المتناثرةُ في أعالي وعلى سفوحِ الجِبال). وإنَّ من طبائع جمهورٍ كهذا، تسلّقَ السلالِم والظُهور، وحُبَّ الظُهور. إذ يحتدمُ التسابقُ والتنافسُ المَحموم، القائمُ لتقاسمِ الغنائم المعماريّة. ما يُحوِّلُ الوطنَ إلى مُجرَّدِ “تَرِكَةْ”، أو كعكة، أو وليمةٍ بين الولائِم، لمن يشحذون سكاكينهم (العمرانية)، أو إلى مجموعةٍ من الحصص والمغانِم التي ينتظرها المتربّصون منتهزو الفُرَصِ (كما تشي الروايات والقصص).

ويا لفداحة الغصَّة، إذا ما تحوَّلَت ملاحِمُ حُماة الدِّيار، وهي أعلى تجليّات فعلِ المقاومة، إلى فعلِ مقاوَلة، وإلى مُجَرَّد استثمار، واتِّجارٍ بالعقار والمقاسِم، ويضيع الفارق، إذّاك، بين سيولة دمِ الرِّجال وسيولةِ المال، وبين فاتورة الدمِ و”فاتورة المطاعم”. فيما وجب على من يتنطَّحُ للإعمار، أن يقتدي بالقدِّيسِين الأبطال من حُماة الديار (وإنْ كان ذلك من المُحال). ولا يستوي ولا يستقيمُ في حالٍ من الأحوال، أن تهوي قاماتٌ شاهِقات من فرائِدِ الرِّجال، وتُدفنَ في التراب، لتعلوَ، فقط، “ناطحاتُ سحاب”، أو شاهِقاتٌ تفتقرُ للأساسيّات والبدهيّات في هذا المجال.

يا للفعلِ الآثم، إذّاك، ويا للأوزار. فيما يُفترضُ بالإعمار أن يكونَ فِعلَ تجذُّرٍ وانتماءٍ، واحتفاءً بالثرى والثراء (المعرفي لا المادي) ولا بالأثرياء، واحتفاءً بالمقاومة لا بالمساومة ولا بالمقاولة. وأن يكون فعلَ ابتكار لا فعلَ تكرارٍ واجترار، فلا يجسِّدُ سوءَ فهمٍ للتُّراث، وسوءَ فهمٍ لثقافةِ المقاومة، فيُحوِّلها إلى فِعلٍ سلبيٍّ في “مقاومة الثقافة” وتكريس الاستشراق. والفارِقُ شتّان بين المُقاولِ والمُقاومْ. وعليه، فالأحرى بنا والأجدرُ والأجدى، إعادةُ النظر في طريقة مُقاربة هذا الملفِّ المتراكِم والمتفاقِم. فلا تمرُّ من تحت طاولةٍ، أو في جُنحِ ظلامٍ، أو في غَفلةِ زمن، أو في غمرةِ فوضى وانشغالٍ عارِم، مبانٍ تلامسُ (بالمعنى العمرانيّ) حدَّ الجرائم. يفترضُ، بالإعمار، أن يكون فِعلاً أخلاقيّاً خلّاقاً، وفِعلَ اختراقٍ لا اختلاقٍ، وفِعلاً تقدميّاً بنّاءً، لا سوءَ فهمٍ للحداثة، ولا نسخاً ومَسخاً لها، لا استلاباً ولا تغريباً أو اغتراباً أو استغرابا…

أسئلةٌ أخرى حَرّى وحَيرى تنتظرُ جواباً. وللبلاد، ولا شكّ، حُماتُها، ولها، وللعاصِمة، من عاصِمٍ حازِمٍ حاسِمٍ جازِم وعازمٍ (وعلى قدرِ أهل العزمِ…). إنَّ التاريخ يرنو والمستقبلُ القادِم، لتصحيح مسار السِكّة، وتقويمِ كُلِّ ما ليس بقائِم، فتدور العَجَلةُ كما يجب أن تدور، بعيداً عن العَجَلة والارتجال، وتعود إلى نصابها الأمور، كي لا يصحَّ فينا القولُ المأثور:

“وليسَ بعامرٍ بُنيانُ قَومٍ                إذا أخلاقُهم كانت خرابا”

-2-

لطالما كان لكلٍّ من الأقاليمِ أقانيمُهُ العاصِمةُ، ينالها ما ينالها من تعظيمٍ أو تقزيمٍ (وتقسيمٍ وتهميشٍ وتهشيمٍ). وكذا هي فيحاؤنا وثالوثُ أقانيمِها: بردى اليَتيم، والغُوطتان، والراسخُ العظيمُ، قاسيون. ولطالما كانَ، بالمقابِل، لكلِّ عُمرانٍ ثوابتُ ومفاهيمُ، ينالها ما ينالها من تأويلٍ عميقٍ أو عقيمٍ، وسوء فهمٍ (جديدٍ أو قديمٍ). وعليه، لربما كان أول، وأَولى ما وجَبَ تفكيكُه، ومِن ثمّ إعادة بنائِه بشكلٍ سليمٍ، هي تلك المفاهيمُ والمنطلقاتُ الفكريّة التي لطالما ارتكز عليها خطابُنا المعماري المحليّ، بما عانَتهُ، وتُعانيه، من سوء فهمٍ بنيويٍّ وجوهريٍّ في صميمِ الصميمِ، ومن سوءِ استخدامٍ عميمٍ. المقصودُ، طبعاً، هو ثالوثُ: “الهُويّة” و”التُّراث” و”الحداثة”، والذي تحوَّلَ، بدَوره، إلى خماسيّة مفاهيميّة، بإضافة الثُنائية الجدليّة الجِداليّة، والإشكاليّة التوفيقيّة، (والتلفيقيّة) الشهيرة والمبتذَلة، المتمثِّلة بــ: ثنائيّة “الأصالة” و”المعاصرة”.

في الواقع، لقد شكَّل سوءُ فهم تلك المفاهيم، السببَ الرئيس، أو أحدَ أهمِّ أسبابِ تراجعِ وتردّي المُنتَج المعماري المحلّي. ولطالما تكرَّسَت (وتقدَّسَت) التفسيراتُ الخاطئة لتلك المفاهيم، بحيث تحوَّلَت، بحدِّ ذاتِها، إلى مُسلَّماتٍ اجتراريّة مستعادة، غيرِ قابلةٍ للمُساءلة والتحليلِ والتفكيك وإعادة النظر، برغم كلِّ ما حَفِلت به من مُغالطاتٍ، ومُفارقاتٍ، بل وتناقضاتٍ شتّى (إنْ على الصعيدِ اللغويّ، أو الفكريّ أو المفاهيميّ). وفي حين أنّا نصبو إلى استثمار فرصة إعادة الإعمار من أجل تقييمِ، وتقويمِ ذلك المسار الفِكريِّ العقيمِ، عبر إعادةِ النّظر، جَذريّاً، في فهمنا المغلوط والمنقوص (والمعكوس أحياناً) لتلك المفاهيم، ومراجعةِ ومعالجة سوء الفهم ذلك، نجِدُ أنّا، بدلاً من ذلك، نُفاقِم ونضاعفُ سوءَ فهم مفهوم الحداثة ليصبح حَوَلاً فكريّاً مزدوجاً.

وإنَّ لمن المُفارقة الغرائبيّة، أنَّ يتفاقم سوء فهمنا السابق لمفهوم الحداثة، والذي تمثَّلَ معمارياً، في إعادة إنتاج أسوأ دروس المدرسة الحداثوية الاشتراكية والبروليتاريّة الشعبيّة، تخطيطاً وتنظيماً، وتصميماً وتعليماً (باسم التقدميّة، وسرعةِ، وحجم الإنجاز، وتوفير الموارد) إذ اليوم يتمظهرُ في حملةِ تبشيرٍ بحداثويّة معماريّة “نيو-ليبراليّة” مستورَدة، تستلهمُ، في المعمار، الأنموذجَ الرأسماليَّ والعولميَّ المتوحِّش، الذي ينتشر كعاصفةِ غُبارٍ، آتيةٍ من مدن الملح والغبار!!. فكيف يستوي في البناء أن يجتمعَ على ذات الأرض، وتحت ذات السماء، الأنموذجُ البروليتاري (بأسوأ إصداراته) مع الأنموذج النيوليبرالي (بأسوأ إصداراته أيضاً) ؟!!!.

وتتبدّى نُذُرُ نسخةِ سوء الفهم الجديد، في أدبيّات الحملات الدعائيّة والترويجيّة المرافقة للمشاريع العمرانية الكبرى، المُزمعة هنا وهناك. وفي قرابين “الأُضحياتِ” العُمرانيّة التي تُسفَحُ على مذبحِ “النيوليبراليّة” المعماريّة المستنسَخة “خليجيّاً”، والمتمثِّلةً بصروحٍ شائِهة فارِهة، وبأصنامٍ تحاول أن تطاوِلَ قاسيون، وأن تتطاولَ عليه. وعليه، يأتي بذلك سوءُ الفهم الأخير ليأتي (كما نخشى) على ثالثِ الأقانيم، ثالثِ ثالوثِ دمشق الشهير والعظيم (وما أدراك ما مكانتهُ بالنسبة لها) بعدما أتى سوءُ الفهم الذي سبق (وبكلِّ أسف) على أولِ وثاني تلكَ الأقانيم: بردى اليتيم، والسَّقيم، وغوطته (أو ما كانتهُ ذات زمنٍ قديم).

-3-

        من الحاسم أن نعي ونستذكِر، في إطارِ ما يسمّى “إعادة الإعمار”، بعضَ البدهيّات في الفارق، وهو شتّان، بين “العمارة” ومجرَّدِ البِناء أو التشييد. وبين القديم الأصيل حقّاً، ونسختِهِ الزّائفة. وبين “الحديث” حقّاً والجديد. وبين التنمية (أو النماء والإنماء)، ومجرَّدِ النموِّ (في البناء، وفي سواه من العناوين والأشياء). وبين الترقّي أو الارتقاء، نماءً وانتماء، ومجرَّدِ التكاثر في البناء (وفي الأبناء). وبين السُّرعة والتسرُّع. والتقدُّم الحقِّ وشبهِ التقدّم (أو شُبهتِه والاشتباهِ فيه والتشبّه به). ومن المفيد أن نحتفي بالمهمّ الأهمّ، بالنوع، لا بالكمّ والحجمِ.

كما يجدُر بنا أن نتذكَّرَ بأنَّ الأخطاءَ في العمارة والعمران (بالتحديد)، أكثر تكلفةً ماديّةً ومعنويّة وإنسانيّة من سواها من المجالات. وأنها متى ارتُكبت (وما أكثر الارتكابات)، لا يمكن لها أن تُمحى بالممحاة. وأنّه يمكن النظرُ إلى (بعض) الدَّمار في هذا الإطار (تجاوزاً) كفعلٍ بنّاء، ومحاولةُ استثمار نتائجه إيجاباً في تصحيح المسار، مسارِ التُخمة في فائض الكمِّ، مع الشُحِّ أو العَوَز الكبير، منقطع النظير، في النوع والنوعيّة. فلطالما كان يقاس التقدُّم الحقيقيُّ، في هذا المضمار، بالمستوى النوعيِّ والكيفيِّ، لا الكميّ. وكذلك بدرجة الإتقان والأناة، لا بسرعة الإنجاز (على أهميّتها). وبعمق ونجاعة المنهجيّات والمقاربات الرؤيوية والاستراتيجيّة الشاملة، لا “التكتيكيّة” الموضعيّة (والترقيعيّة) منها… وبالتالي وجب التريُّثُ واقتضى التأنّي وعدمُ الاستعجال، كما وجب التروّي وعدمُ الارتجال. وكان لابد من كبحِ جماح هذا النهم الذي لا يرتوي، من تفاهة وتهافتِ التهافت المعماريِّ والعمراني الذي ينحو جامحاً (وجانحاً) نحو الحجم ارتفاعاً، ونحو الكمِّ اتِّساعاً وابتلاعاً واقتلاعاً (للخضرة والأشجار)، ونحو الاتِّجارْ.

لابد من وضع حدٍّ لداء ووباء شعواءِ وعشواء شعبويّة البِناء، وللجائِحة العمرانية التي تجتاح ما تبقّى من فضاء، ومن ذائقة وحسٍّ مدنيٍّ ومدينيّ على حدٍّ سواء. أو تنتهِكُ، باسم التقدُّم، ما بقي من عُذريّةِ الأخضر وأزرقِ السماء. ويجدر بنا أن نتعلَّم من الأخطاء القاتلة، وهي ماثلة، وألا نكرِّرها، وما أكثرها، ولا نردفها بأخطاء مماثلة. ويجدر أن نتعلَّم من تجارب عمران ما بعد الحرب، ومن ثغراتها، كي لا نعيدَ إنتاجها.

يجدر، باختصار، أن يرقى “بُناةُ” الدِّيار إلى مصاف ورتبة “حُماة” الدِّيار، وأن يكونوا من قماشتهم، تميُّزاً وعطاءً. فلا يكون البُناة من أهل “الأنا” بل من أهل الأَناةِ، الأُباةِ، الثِقاتِ، والتُقاةِ في العِلم والعمل على حدٍّ سواء. وممَّن حاز على الصدقيّة الأخلاقيّة والكفاءة الحقّة (بعيداً عن خواء الألقاب)، وعلى الجدارة المهنيّة والفنيّة كما الوطنيّة. يجدر بنا ذلك، “رعيّةً” و”رُعاةً”، وفاءً للفنّ وللوطن الذي نحبُّ، وكي تتحوَّل الغُصَّةِ إلى فُرصة، والمِحنةِ إلى مِنحة، والنقمةِ إلى نِعمة، والضارّةِ إلى نافعة، والموتِ إلى حياةٍ وازدهار. يجدر بنا، ما دُمنا نعي حجمَ التضحيات (وأغلاها دماءُ الأبرار، علاوةً على حجم الدَّمار). وما دُمنا ليس فينا وبيننا من يريد للدَّمار أن يتكرّر. ولنتذكَّر كم من بِناء تدمَّر وهو لا يستحقُّ إعادةَ البِناء. وكم من بناءٍ أَولى به أن يتدمَّر. وكم من مبنى بلا معنى، وكم من الكمِّ، بل بالفعل، ما أكثر البِناء (والإعمار)، وما أقلَّ المعمار.

 غسان كرم

أستاذ اقتصاد بجامعة Pace University

لم يكن ما حدث بدرعا 2011 مؤامرة غربية ضد سوريا، بل كانت ثورة شعبية حقيقية يمكن إرجاع جذورها إلى الستينيات. ولأكون أكثر تحديداً، تكشفت المأساة السورية قبل نحو ثماني سنوات، وكانت نتيجة للفقر الذي أصاب الشعب السوري بسبب الفشل المأساوي للسياسات النيوليبرالية للسلطات السورية آنذاك

وما لم تتخلى سوريا عن السياسات الفاشلة والفاسدة في العقود الأربعة الأخيرة، فإن أي جهد لإعادة الاعمار محكوم عليه بالخروج بنفس النتائج. المزيد من الفقر، وانعدام العدالة وزيادة الصراع الطبقي اجتماعيا واقتصاديا

مهند أتاسي

مهندس معلوماتية
واشنطن

التأسيس للإعمار الصحيح يتطلب إيجاد مناخ صحيح خالي من فساد القضاء وقوانين الاستثمار التي قد يكون بعضها غير صالح لهذه المرحلة المهمة.

قبل الشروع بمرحلة الإعمار يجيب الاستعانة بخبرات ومؤسسات موثوقة لوضح مخطط واقعي لإعطاء الأولويات للمشاريع المعمارية والاقتصادية

وإعادة ترميم وبناء البنية التحتية وتأمين الطاقة والطرق الدولية وإعادة تأهيل اليد العاملة بطرق حديثة والعمل على تحفيز استعادة العقول المهاجرة.

(رأس المال جبان). مقولة قديمة ولكن فعالة.

يجيب ايجاد وتشريع مناخ استثماري صحي بحماية قانونية واضحة ودعم كامل للاستثمار الإقليمي والدولي والاستعانة بمنظمات دولية لإعطاء ضمانات تأمينية للمستثمرين الدوليين.

العمل الجاد على ايجاد حل سياسي عادل وبرعاية اممية دولية واعتراف دولي بهذا الحل مع العمل بتوازن على رفع العقوبات الاقتصادية والعمل على ايجاد مشروع دولي على نمط مخطط مارشال لبناء أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية….

عقيل عصمت هنانو

ناشط ومحلل سياسي

في سورية تاريخ فساد ومراكز قوى ومحسوبيات لا يمكن إغفالها، قبل الحرب وأثنائها، وبناء على احداث أتوقع أن ذلك سيستمر بعد النصر، بعد الحرب وقبل البدء في إطلاق عملية الأعمار لا بد من اعادة إعمار اجتماعية لمجتمع مزقته الحرب وشتته الدين وانتماءاته المذهبية، عملية الإعمار يجب ان تستند على مجتمع علماني، يعيد الانتماء الوطني، مجتمع يملك الثقة بعملية إعمار غير انتقائية ولا تشعر المواطن بمناطقية الاختيار، لذلك يجب تشكيل لجنة مدنية مراقبة لا تملك قرار في منح العقود او تحديد شركات ولكنها عين المواطن في التقدم العمراني ومراقبة تطبيق العقود والتنفيذ والدفع تقدم تقريرها الزمني كما تقتضي العملية العمرانية.

يجب أن تحصر المشاريع المتوسطة والصغيرة بشركات وطنية داخلية لمواطنين قاوموا ولم يغادروا وصمدوا، يؤسسون او يملكون شركات صغيرة ذات رأسمال صغير لمتوسط، تحجب عن تلك المشاريع حيتان الاقتصاد السوري لتشجيع السوق المحلية وبث نفحة أمل بتغير سياسات الاقتصاد بعد الحرب من خلال دعم وإعادة الطبقة الوسطى للحياة، يمنح جرحى الحرب وعوائلهم وعوائل الشهداء تسهيلات وقروض تشجيعية للانخراط في عملية البناء بعد ان كانوا عماد الوطن في التضحية والدفاع.

ماجد حبو

ناشط سياسي

يعتبر ملف إعادة الإعمار في سورية “كلمة السر ” والمفتاح الرئيسي للحل السياسي وفق الصيغ المطروحة اليوم: إقليماً ودولياً بل ومحلياً وتتناقض المواقف تجاهه.

والأولوية فيه هي الإجابة المتأخرة عن أسباب الأزمة ذاتها وموجباتها الموضوعية وطنياً، بغض النظر عن “فكرة المؤامرة على سورية ” وصدقيتها وواقعيتها !!!

فالمناطق التي شملتها أعنف الأحداث “العسكرية” هي المناطق الأكثر احتجاجاً “كونها الأكثر تخلفاً ” كبنية اقتصادية وإنتاجية وبالتالي ثقافية ” الريف في مواجهة تمركز الاقتصاد المدني” اضافة إلى المدن والمحافظات ” المنسية” من جداول الإنتاج وفوائده في مواجهة عواصم ” احتكار” الاقتصاد بكل تلويناته، وفي هذا احالة إلى أولويتها في الجدول الزمني في اعادة الإعمار كتعويض متأخر عن سد الذرائع في قادم الزمن.

أما المجالات ذات الأهمية القصوى في ذلك فهي ” للعملية الإنتاجية” منها ” النشاطات الخدمية” التي تشكل ذراً للرماد في العيون!!!

إن التنافس المحلي والإقليمي والدولي في الملف السياسي ” العنوان المعلن” كبديل للكلمة السحرية ” اعادة الإعمار ” هو الحاسم النهائي على المستوى السياسي بل الاقتصادي، فالحسم العسكري اليوم للدولة السورية وحلفاءها المحليين والإقليميين بل والدوليين لن يفرز بشكل تلقائي حسم سياسي -اقتصادي، وهنا تأتي المعركة الأهم في حياة السوريين ” شعباً -ودولة “

الدولة السورية اليوم ” وهي منتصرة عسكرياً ” ليست في وارد القدرة اليوم على فرض شروطها الاقتصادية -السياسية في مواجهة مفتوحة مع الرأسمال الإقليمي والدولي، لكنها تملك ” القليل” من القدرة على رفض شروط الآخرين في ظل مبارزة ” سياسية-اقتصادية ” يكون الرابح فيها الوطن والمواطن السوري ” نسبياً ” إذا وجدت النية والرغبة بذلك

وبالعودة إلى ” الحل السياسي ” فهو يفتح الباب ” ولو قليلاً ” إلى الدعوة والنضال الوطني من أجل ” عقد شراكة سياسية ” تشمل القوى الوطنية الديمقراطية مع أكبر تيار مجتمعي سوري من أجل تأسيس ” الاستقلال الثاني ” وهو ما يدفع للطرح من أجل تحقيق عقد سياسي ” الدستور ” الذي يشكل البنية التشريعية الأساسية لاستحقاقات المرحلة القادمة، وهو ما تفرزه عناصر القوة في التنازع الحاصل اليوم: وطنياً -إقليمياً -ودولياً.

القيادة السياسية -الدولة وهي تحاول الخروج من آخر المعارك العسكرية بنجاحات واضحة المعالم من أجل استعادة كامل الوطن السوري من البؤر المسلحة المدعومة إقليمياً ودولياً مع حلفاءها الاقليمين والدوليين أيضاً ” إيران -وروسيا ” يفترض بها استعادة القرار السياسي -الاقتصادي كذلك وفق توازن دقيق وحساس، يكون الأهمية والحاسم فيه الشراكة الاقتصادية وليس التبعية والهيمنة ” عقود طويلة الأمد كتعويض اقتصادي لتحالف عسكري “!!! مع أهمية الرقابة الوطنية ” الدولة” كشريك اقتصادي في مواجهة الرأسمال المحلي أو الإقليمي والدولي لصالح مقتضيات المصلحة العامة.

الدمار كبير، وعدد المهجرين أيضا أكبر … وكلمة إعادة الأعمار في سوريا عومت كثيراً حتى فقدت فحواها.

العقوبات الاقتصادية الأوروبية (الغبية) بحق الشعب السوري ستكون البوابة التي / ربما / سيلج منها الاقتصاد السوري إلى العافية أو التهلكة في حال إقرار المعزوفة المشروخة (للحل السياسي) المنشود لسورية.

وأتوقع نحن على اعتاب -هونغ كونغ سورية أو كورية شمالية !!!!

زين مخلوف

رجل أعمال

إعادة الأعمار يمكننا قسمها إلى قسمين،

-القسم الأول متواضع و يخص الإصلاحات الصغيرة لبيوت القرى بطرق بدائية و بخسة الثمن لكي تضع سقف فوق رؤوس المهجرين و النازحين.

فتستخدم فيها المواد الأولية البسيطة لا صلاح الجدران والنوافذ لتقي الناس من ظروف الطبيعة وتأمن الملجأ المبدئي.

– القسم الثاني عملية إعادة الإعمار الكلية للقرى و المدن والبنية التحتية المقصود مناقشتها هنا.

ملف إعادة الإعمار، مرتبط ارتباطا عضوياً بالحل السياسي والسياسة الخارجية للدول الإقليمية والدولية.

ما دمنا في محور المقاومة … والمؤشرات تقول بأننا ذاهبون لتشدد أكبر في عملية السلام فهاذا يعني عدم رفع العقوبات ويبشر بعقوبات ذات طيف أوسع.

يمكن أحد أن يجيبني بأننا سوف نتهج شرقا إلى الصين مثلا … لكن الدول اليوم والشركات والبنوك العالمية لن تتفاعل معنا في ظل عقوبات أميركية، ولأن هذه العقوبات سوف تطال كل من يتعامل من سوريا وبالأخص مؤسسات الدولة.

النقطة الثانية … أي جهة ممولة، تسأل دائما عن الضمانات الاستثمارية … وسوريا اليوم ليس لديها أي ضمانات سيادية تكفل تخفيف مخاطر الاستثمار …. فسوريا ليس لديها الثروة النفطية التي يتمتع بها العراق وإيران كي تعطي الجهات الدولية كالدولة الصينية نفط خام في مقابل محطة توليد طاقة ضخمة.

فاذا أموال إعادة الأعمار … هي أموال على شكل قروض ميسرة طويلة الأمد وبفائدة مخفضة لا تتعدى ١-5 وهذه الأموال والهبات تأتي من مؤتمرات دولية يكون عنوانها مساعدة الشعب السوري في إعادة الإعمار وهذه المؤتمرات ذات طابع سياسي.

خلاصة القول …. الانتخابات الرئاسية القادمة سوف يكون لها الأثر الفصل فيما يخص تمويل إعادة الإعمار ….  لا أظن بأن يكون هناك خطوات ملموسة قبل هذا التاريخ.

   بما أنهم لم يستطيعوا تحقيق أهدافهم بفصل المحور الممانع عسكرياً … سوف يتجهوا لتنشيف مصادرنا اقتصاديا وهذا ما لاحظناه مؤخراً لمنطقة الشرق الأوسط … تركيا والعقوبات على أيران … وصاحبة النصيب الأكبر لبنان:

ففي لبنان مثلاً،

-ضربت شبكات تحويل الأموال من أفريقيا للبنان

–  ضربت شبكات للبنانين في تجارة الألماس في أفريقيا و أوربا

– التوقف عن إعطاء الكثير من رجال الأعمال الشيعة فيزا إلى أوروبا

– منع التعامل التام مع سوريا وسيطرتهم على البنوك اللبنانية بشكل كامل.

وخطاب السيد حسن الأخير … ورفع السقف … بشر بأخذ للبنان للشيعية السياسية.

فهذا يعني بأن لبنان أخذ موقع جديد بما يخص ملف السلام ويبشر بالأسوء اقتصاديا.

المراد هنا …. هو جبرنا على بدء حوار جدي بما يخص السلام

يجب على السوريين ذوي الخبرات الأجنبية والعامليين بشكل أساسي بالهيكلة المالية … والبدء بإيجاد الحلول للدولة السورية، من خلال تشكيل شركات خارجية وهيكلة الحوالات من خلال الصرافين … أي العمل من خلال بروكسي ونوافذ محددة … كي يتم مساعدة سوريا فيما يختص بالتصدير … من أجل جلب قطع أجنبي.

مازن سلهب

رائد أعمال سوري – خبير أسواق عالمية

الأولويات كثيرة ولكن هناك البعض منها التي تعتبر قابلةً للتنفيذ بجدارة:

1 – الأولوية لقطاعين، الزراعة والصناعة وأعتقد أن سوريا لديها من الخبرة الممتازة والتراكم المعرفي لجعل هذه القطاعات ممتازة بمعايير ربحية واجتماعية. محاصيل استراتيجية (قطن وقمح)، صناعة نسيج عملاقة كما كانت قبل الحرب بشرط حمايتها وطنياً، صناعات متقدمة تكنولوجياً (واحة سيليكون سورية وأنا متأكد من الامكانية العملاقة للشباب السوري داخل وخارج سوريا)، الشركات المتوسطة والصغيرة ستكون خياراً ممتازاً ويجب دعمه تشريعياً وحكومياً (تمويل وقرار سياسي)، الاقتصاد الاستهلاكي لا يبني بلداً قوياً للمدى الطويل.

2 – الأولوية الثانية للقطاع الصحي والخدمات الطبية التي منيت بخسائر قاسية. لابد أن تستثمر الحكومة الملايين في هذه القطاعات الحيوية، الشراكة مع القطاع الخاص بتشريعات جديدة (ليس فقط بناء مشافي خاصة للربح السخيف) سيمكّن الدولة من تحويلها لقطاع جيد تجذب الملايين وتوظف الآلاف.

3 – ثالثاً، التعليم اولاً وأخيراً هو من سينقذ سوريا، قبل وما بعد الجامعي على حد سواء. الأزمة الحالية أثبتت بالدليل القاطع أن قطاعات كبرى من الشعب السوري الغير متعلم شكل تحدياً هائلاً للدولة سواء ممن شاركوا بالحرب ضد سوريا أو من كان معها.

 جغرافياً، حلب يجب أن يكون لها الأولوية، وثانياً الجزيرة السورية، وثالثاً ريفي حماه ودمشق لاعتبارات اقتصادية وبشرية.

مالياً:

1 – عوائد السندات الحكومية قد تكون خياراً استثمارياً مقبولاً لتمويل الدين ولكن لا تكون أعلى من أسعار الفائدة المحلية. المشاركة مع مؤسسات استثمارية محلية وعالمية تكون شريكاً للحكومة وليس مقرضاً لها، حاملي الأسهم والسندات بالعملة المحلية وليس اللجوء للاقتراض التقليدي. الدين ان كان داخلياً سيكون قابلاً أن تديره الحكومة ولا يشكل ضغطاً سياسياً بعكس الديون الخارجية.

2 – سياسة نقدية متساهلة للبنك المركزي تتضمن تخفيض أسعار الفائدة تدريجياً وجعل السياسة النقدية متكيفة وليست أيديولوجية أو خاضعة لنظريات جاهزة. لابد أن نتوقع ارتفاع مستوى التضخم في سوريا ولكن أعتقد أن الأهم هو القدرة الشرائية واستقرار سعر صرف الليرة. التضخم إذا أتى من النمو يكون مقبولاً.

3 – اقتراض من دول صديقة بطريقة الشراكة لمدة لا تقل عن عشرين عاماً ضمن خطة أعمال منطقية (مع الصين وكوريا مثلاً)

مجد نيازي

رئيسة حزب سوريا الوطن

لا أهمية لمسألة إعادة الإعمار على المستوى الداخلي في المرحلة الحالية، فالأهم هي العقوبات الاقتصادية التي تطال القطاع الصحي بالدرجة الأولى، علما أن منظمة الصحة العالمية تحدثت عن هذا الأمر واعتبرت أنه ليس صائبا أن تتحمل الشعوب عواقب العقوبات وهي ليست المسؤولة.

   إذا تعطل جهاز طبي في سورية لا يمكن الحصول على قطع غيار له بسبب العقوبات، وبالمقابل فإن تكلفة الكشف عن الورم تكلفتها 300$ بينما في لبنان 1400$ وهذه التكلفة يضطر تحملها المواطن نتيجة عدم توفر أجهزة في سورية، فهناك في سورية جهاز واحد للأشعة السينية لكشف أورام الدماغ، والعديد من المصابين لا يحصلون على علاج لعدم قدرة جهاز واحد معالجة الكل، ولكثرة أعطاله من الضغط.

نبيل بيتنجانه

مستشار بالإدارة وخبير تحليل بيانات، أستاذ بجامعة McGill وConcordia

مدير المركز الثقافي السوري بمونتريال

 

الفساد مفهوم إشكالي، نفكر فيه بطرق مختلفة، وكأنه فضاء مفتوح ‎لا حدود له، ولا يملك معايير واضحة، مثير للازدراء، وكلنا لدينا آراء عنه، لكن لا أحد منا يعرفه، نمتلك مواقف قيمية منه فنطلق عليه صفات بأنه سيْ يعرقل العملية التنموية، لكن ما هو الفساد؟ وكيف نحدده من أجل نقله من مفهوم مجرد إلى ظاهرة قابلة للقياس، مع إجراءات وآليات قابلة للتنفيذ وتوظيفها في إعادة الإعمار.

والتحدي الحقيقي هو في القدرة على خلق مشاركة واسعة من كافة قطاعات المجتمع والأفراد؛ حتى الذين لم تتح لهم فرصة المساهمة بتفاصيل الحياة العامة، وتفعيل مسؤوليات المواطنة. ويمكن القيام بحوار ممنهج عن كيفية التعامل مع المؤسسات العامة، وتعامل هذه المؤسسات فيما بينها؛ لإيجاد مشاركة مدنية نوعية تدعم عملية الإصلاح واسعة النطاق وتطبق مبادئ الحوكمة.

اليان مسعد

طبيب وباحث سوري

   سأناقش الموضوع من وجهة نظر المحيط الملتبس لعملية الاعمار، وأطرح الموضوع من زاوية اخرى لابد منها، فقبل البدء هناك مستلزمات لابد من توفرها حتى لا نقع بذات المطب السابق، فاقتسام النفوذ والمشاركة بالسلطة وفصل السلطات هي حد ادنى لنجاح كل تفاعل داخلي لنجاح مجتمع سوري مأزوم تاريخيا، ولابد هنا من تحقيقها فحتى بمجال الاعمار هي شرط لازم للتطور السليم لمجتمع معروف المشاكل، وان طرحها يعيدنا الى ان مشكلتنا بالعمق من ضمن الازمة البنيوية للنظام السوري منذ 1946؛ المرتبطة بهوية وطن لم تتم الاجابة عن سؤلات بديهية: فمن هي سوريا، ومن هم السوريون ومن هي سوريا التي نريدها، ومن الجملة الهوية الاقتصادية لشخصية سوريا المغيبة غير المحسومة، المتقلبة والنفعية بخياراتها التي كانت دوما ريعية منذ الاستقلال. وصولا للازمة الوطنية عام 2011.

   لا ارى الا افق مسدود دون هذه الاجابات التي تحتاج لوثائقيين واختصاصيين بكل مجال، والتجربة التي خاضتها سابقا وزارة التخطيط من عقد من الزمن كان فشلها ذريعا، فالنظرة التشاؤمية ضرورية هنا قبل اعادة تكوين دولة عميقة تعبر عن مصالح المستفيدين من التنمية، لا مصالح من سيركبون على ظهر قطارها للاستيلاء والنهب، لذلك لا يمكن التخطيط بمخططين لا بوصلة لديهم الا من ولاهم ووالهم.

   نحن مقبلون على اصلاح دستوري، ولابد قبل كتابة الاصلاحات الاتفاق مجتمعيا على لائحة حقوق للوطن والمواطن لإعادة تماسك المجتمع، ولنسميها مبادئ فوق دستورية تكون الحاضن القانوني للاجتماع البشري، وذلك لإنهاء المراوغة بشأن المواطنة متساوية وفصل السلطات وحقوق للإنسان، وهي الشروط اللازمة لبيئة التنمية المستدامة والاعمار والحد الأدنى لنجاحه، وعلى هامش الاقتصاد كقاطرة كل شيء بعصرنا لابد من القليل من الجيوبوليتيك.

   يعتبر الحديث عن استصلاح البيئة الداخلية ضروري لتشخيص البيئة الاقليمية المؤثرة بخيارات سوريا، ان الحقبة السابقة ومنذ الاستقلال، وخصوصا بعد حرب حزيران، لعبت السعودية به دورا محوريا، وفرضت هيمنتها وقيمها على المشرق العربي عبر تحالفاتها المعقدة مع الأنظمة العربية، وعلى رأسها سوريا ومصر بحجة وعودها الكاذبة بالتضامن، ولكنها دخلت اليوم مرحلة الأفول مع كل النظام العربي المتهالك، وعلى الدولة العميقة تحديد خيارات التحالفات الممكنة، بينما مازال استراتيجيو سوريا يبحثون عن العرب وعن والتضامن العربي؛ بدل القيام بدور محوري للمشروع الإقليمي الذي يظهر بين قزوين وشرق المتوسط، ويعتبر هذا المشروع متمما للتجمع الاوراسي المستند على ائتلاف شنغهاي، مع الاخذ بعين الاعتبار ضرورة احترام المصالح الامريكية ذات البعد الاسرائيلي بجوهرها.

  لابد من الاشارة لإعادة احياء دور المجموعة الرباعية المكلفة بعد مؤتمر مدريد لحل القضية الفلسطينية، والقبول الحقيقي وليس الشفهي بالقرارين 242 و338 والسعي لتحقيقهما، فلا استقرار بالمنطقة دون ذلك، ومن مظاهر الاستعصاء للتنمية التبني السوري للعروبة الرومانسية، دون النظر  إلى ما قام به العرب من تنازل عن المذهب العروبي عموما، فمطالبنا السياسية لامعنى لها بالنسبة لهم، ومحاولة استرضائهم لن يؤدي الى تحقيق ظرف مناسب لحل المشكل الجوهري بالشرق الأدنى، فما نشهده في منطقتنا هو اندفاع بسرعتين مختلفتين للتأقلم مع الاوضاع الجيواسترتيجيا الجديدة بالإقليم، سواء من ناحية التطبيع مع الكيان الاسرائيلي بشكل يلغي كل تطور وامكانية لتطور لاحق، ويحيل الكيان لبوصلة التطور المستقبلي، وبشكل لا ترغب به حتى الدول الأربعة – أميركيا وروسيا وانكلترا وفرنسا – فهم سائرون الى دائرة التهميش والانحلال والالتحاق بالمشروع الاسرائيلي كاملا كملحقين وليس رواد عدا سوريا حتى اللحظة والا فداعش بانتظارهم، وعلينا لإنجاز بيئة الاعمار اعادة النظر بتكوين الدولة العميقة ومذهبها السياسي، وليس فقط بوزرائنا المتهالكين واستبدالهم، ولكن ايضا بالاستراتيجيين لان الحرب على سوريا وفي سوريا هي كارثة وطنية، لكن ممكن قلبها لفرصة للنهوض الى دور فقدناه بعد انسحابنا من لبنان، وفشلنا بهزيمة المشروع الأمريكي بالعراق ولعل سوريا مع حلفائها تقدر ان تكون بيضة القبان بالمشرق وتعيد تموضعها الجيوبوليتيكي والجيواستراتيجي على خطوط النفط والغاز، وطرق التجارة الدولية التي خسرناها نتيجة عدم التوافق مع المصالح الأميركية، إضافة للصراع  مع العدو التاريخي والجيوبوليتيكي التركي منذ 1285 قبل الميلاد و حتى الان، ونحتاج لمخططين بأفق اوسع لا لرجال دين وشريعة وخطباء ومخبرين ومجترين، ودون تأمين بيئة مواتية داخلية وخارجية ستحيل التنمية والاعمار نفسيهما لوسيلة جديدة للاستغلال الريعي وللتطور اللامتوازن.

 

كندا نصار

رائدة أعمال اجتماعية

مؤسس ورئيس مؤسسة درب

بعيدا عن الكلمات الاختصاصية وكرائدة مجتمعية رؤيتي للبدء بالإعمار هي اعمار الإنسان اولا؛ عن طريق عقل إصلاحي لا محافظ من الداخل السوري والاستفادة من نقاط القوة للاقتصاد السوري وتسخيرها للنهوض بعملية اعادة البناء والتنمية. ولا يتم ذلك بين ليلة وضحاها.

المطلوب إصلاح سياسي اقتصادي اجتماعي تدريجي ضمن خطة زمنية تحتوي أولويات الإصلاح وأهدافه وأدواته مع المحاسبة الحقيقية…

تحديد دور كل من القطاعين العام والخاص والمجتمع الأهلي في العملية التنموية وإعطاء الأولوية للزراعة والصناعة والشراكة بين القطاعين العام والخاص ووضع برامج تنمية المشاريع الصغيرة وإعطائها الأولوية وهذا يتطلب إعادة النظر بالتعليم والتدريب والتأهيل وإعادة الاندماج الاقتصادي والاجتماعي للمناطق النائية وتطوير وخلق المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الرديفة.

نقاط قوة الاقتصاد السوري فيه اقتصاد متنوع يمتلك صناعات استخراجية وصناعة تحويلية غذائية وهندسية وكيميائية وزراعة وسياحة وموقع جغرافي متميز.

نقاط ضعف الاقتصاد السوري يجب معالجتها أثار النمو الاقتصادي لم تصل إلى جميع فئات الشعب نتيجة أخطاء وفساد الإدارات ادت إلى غياب عدالة توزيع الدخل ومنها ارتفعت معدلات البطالة والفقر وزاد تهميش المناطق الريفية والنائية وتدهور المعيشة فيها.

بالنسبة للتمويل الافضلية بالتعاون مع البريكس وإيران‏ وهذا مبني على تجارب ناجحة ومصالح مشتركة‏ يجنب سورية أجندات سياسية تجعل البلد في حال تبعية للأخرين.

أثبتت الحرب على سورية أهمية الصمود الاقتصادي بالتوازي للصمود على والسياسي معتمدين على الأصدقاء الجديرين ب الثقة، عملية إعادة الإعمار ربحية للمستثمر الخارجي لذلك الدول الصديقة والحليفة هي الأحق بهذا الجانب الربحي كما هو الأمر بالنسبة للمستثمرين الداخلين الوطنيّن أو المغتربين السوريين‏…

مازن بلال

اعلامي وكاتب سياسي

“مشروع الحوار السوري”

إعادة الإعمار عنوان إعلامي ومقدمة لخطاب سياسي جوهره أن الحرب في سورية انتهت، فهو يعلن بأن هناك طرف قد خسر الحرب دون أن يعني ذلك القدرة على الانطلاق بسورية بشكل جديد، فإعادة الإعمار نتيجة لنهاية الحالة المتأزمة في سورية، ومن المفترض أن يقدم تصورات للمستقبل.

لا جدوى من الحديث عن إعادة الإعمار إلا من الزاوية الإعلامية، فالدولة السورية استعادت الجزء الأكبر من جغرافيتها، لكنها في نفس الوقت مازالت ضمن عقدة الانطلاق السياسي من جديد، وقبل حدوث هذا الأمر بكل ما يعنيه من بيئة سياسية – اقتصادية مختلفة جذريا، فسيبقى إعادة الإعمار رهنا بالجهود الصغيرة للمجتمع بكل ما يحمله من رساميل مجتمعية

نضال الخضري

كاتبة وباحثة اجتماعية

“مشروع الحوار السوري”

التقارير المرتبطة بإعادة الإعمار تبدأ من المبالغ الضخمة، وتنتهي بالشروط السياسية الموضوعة لمشاركة الولايات المتحدة وأوروبا، ويتم فصل هذا الشأن عن البيئة السورية المشتتة، وعن خلل العلاقات على المستويين الاجتماعي والسياسي، فإعادة الإعمار ليست مجرد فرص استثمارية لأنها بهذا الشكل ستقدم عمرانا مشوها، يقدم مجتمعا على حجم الاستثمارات المرسومة للإعمار.

في موضوع إعادة الإعمار لا يتعلق الأمر فقط ببناء الانسان، إنما بالعلاقات التي يمكن نسجها على المستوى السوري، بحيث يكون السوريون معنيون بكل التفاصيل، ويصبحوا قادرين على رسم مساحات الإعمار بغض النظر عن حجم الاستثمارات المقررة، فإذا لم تتح إعادة الإعمار بناء الطبقة الوسطى من جديد، فلا جدوى من هذا الموضوع سوى منح الآخرين فرصا تجارية فقط.

موظف بالأمم المتحدة

هناك مجموعة من المخاوف بإعادة الاعمار لا بد من تحديدها بالنقاط التالية:

1_ استنادا للقانون رقم عشرة لا يمكن لوكالات الإغاثة حاليا سوى تأهيل المنازل التي يقدم أصحابها الوثائق المناسبة، ولا يمكن تأهيل المبنى بأكمله إلا بوجود جميع المالكين حاضرين… ماذا سيحدث مستقبلا؟ كيف ستتصرف الحكومة. تجاه هذه الحالة، البعض سوف يخسر والبعض الآخر سيكسب … الخ.

2_ هناك تخوف كبير من التغيير الديموغرافي والذي سيخلق اشتباكات وكراهية ويفجر الصراع مرة أخرى.

وهناك أيضا مشاكل أخرى ستسببها الشركات والدول التي ستكسب من إعادة الإعمار، وتأثيرها على التجار السوريين، فإذا لم تستفد هذه الشريحة فإنها ستصبح معارضة.

 3_ رفض الدول المانحة بشكل جماعي المساهمة في مرحلة إعادة الإعمار للضغط على الحكومة، لذلك تركز الأمم المتحدة الآن على جهود الإغاثة الإنسانية وعمليات إعادة التأهيل الضروري الحفاظ على حياة الناس، وفي حال الانتقال بشكل رسمي إلى إعادة الإعمار فستفقد البلاد التمويل الكبير الذي تستفيد منه الآن.

  4_ قبل المضي قدما بكل ما سبق يجب التفكير في بناء الإنسان ثم الحجر. لماذا ا؟  لان الوضع الحالي للسكان سيدفعهم للاقتتال فيما بينهم لذلك لا بد من برامج التماسك الاجتماعي، مثل تعليم السلام وغيرها والتي لم تعد ترفاً.

كميل أوتراقجي

مهندس وباحث

مشروع الحوار السوري

Creativesyria.com

سيأتي يوم تكون فيه الحكومة السورية بوضع يسمح لها بمنح عدد كبير من عقود إعادة البناء، ومع غياب عملية اتخاذ قرار عادلة وشفافة، ستظهر حساسيات واستياء واسع النطاق، على سبيل المثال: من مدينة معينة أو من رجل أعمال أو من فئة أو طبقة دخل معينه عندما يتم منح العقد إلى مدينة أو رجل أعمال أو طبقة مختلفة. حركات الإحتجاج (مثال فرنسا) قد تنشأ بدون تحريض خارجي. سوريا بحاجة إلى تجنب أي مخاطر من هذا القبيل

تتطور التصاميم المعمارية بشكل دائم ما يجعل المهندسون المعماريون السوريون بحاجة لمتابعة أعمال كبار المهندسين المعماريين وانجح المشاريع والتصاميم في العالم. انهم أيضا بحاجة لتطوير مهاراتهم ومعلوماتهم عن مواد البناء أو برامج التصميم الحديثة. بالتالي قد يكون من الضروري الطلب من المهندسين المعماريين في سوريا للمحافظة على مزاولة مهنتهم تحصيل دبلوم عبر الإنترنت مصمم خصيصاً لاحتياجاتهم

أحمد شهم شريف

مهندس إلكترونيات يعمل في الإمارات

«تحويل التحديات إلى فرص» هو الشعار الأساسي الذي يجب أن ترفعه مرحلة إعادة الإعمار، فإن دمرت مناطق واسعة من المدن (تحدي)، فلنخطط لأن نحولها إلى أحياء ذكية مستقبلية (فرصة)، وإن فقد الآلاف أطرافًا (تحدي) فلنخطط لنصبح البلد الرائد في العالم لأبحاث الأطراف الاصطناعية وتطويرها وصناعتها. إعادة الإعمار ذاتها تمثل تحديًا، ويجب أن نستغلها كفرصة في تنمية أهم ثروة نملكها في سورية، وهي الإنسان…فتكون مرحلة يكتسب فيها السوريون خبرات عالمية وننقل إليهم المعرفة والتقنيات الحديثة. على المدى القصير يجب أن تركز إعادة الإعمار على البنى التحتية وإعادة الخدمات إلى مستوى مقبول، لكنها على المدى الطويل يجب أن تركز على القطاعات الإنتاجية الزراعية والصناعية. ولتجاوز البنية القانونية القديمة وغير القادرة على اجتذاب رؤوس الأموال، ربما يجب إنشاء مناطق صناعية حرة ذات قوانين خاصة قرب كل مدينة كبرى تقام فيها المصانع وتخلق فرص العمل وتوطن التقنيات وتحقق موارد للدولة.

د. رامي يوسف خليل

أستاذ الدراسات الدولية

جامعة سيتشوان –الصين

إعادة الإعمار هو السبب والنتيجة. ونقطة الفصل والتحول في سوريا الغد ورسم ملامحها في خارطة دولية جديدة.

يَنظر وينتظر وينظّر الكثير من الناس حول هذا الموضوع الهام والإشكالي. أعتقد أنّ معالجة هذه القضية يجب أن تكون مبنية على قراءة الماضي وتستشرف مستقبل قادم، بعيداً عن أي حلول اعتباطية (ترقيع) لو كانت إسعافيه.

سوريا تعاني أصلاً من سوء توزع ديموغرافي أنتج مدينتين كبيرتين استوعبت نصف سكان القطر (حلب ودمشق) ومُدن صغيرة هامشية مع ريف لم يجد بُداً من الهجرة نحو المدن الكبرى أو البقاء في ظروف غير تنافسية لصالح المدن. مما أدى لشروخ أفقية وعمودية في هيكلية المجتمع السوري والتي كانت بيئة ملائمة للأزمة الوطنية التي نعيشها. لذلك أي طرح في إعادة الإعمار يجب أن يحل هذه المشكلة الموجودة أصلاً والتي نختصرها بـ (ضعف البنى التحتية والخدمات وتهالك الموجود منها، العشوائيات المزمنة، غياب التخطيط وتعويم خطط التنمية الاقتصادية لبلد زراعي أصلاً، صراع المدينة والريف وتفضيل الأولى في أي عملية تطوير).

إعادة الإعمار بالنهاية مشروع اقتصادي، لنجاحه يجب وجود الجدوى والبيئة التشريعية والسياسية والتنظيمية. لن تقوم أي جهة أو طرف بوضع دولار واحد إن لم يكن له عائد استثماري مجزي. فلا يوجد شيء بالمجان!

أعتقد أنّه يجب على الدولة بتهيئة الأرضية اللازمة لإعادة الإعمار للبدء فور انتهاء العمل العسكري وبالتوازي مع الحل السياسي كي لا نعيد خلق ظروف ملائمة لأزمة قادمة! يجب أن يتم التركيز على الأولويات التالية:

1_ رسم خارطة طريق اقتصادية اجتماعية سكانية لسوريا لعشرين سنة قادمة، تراعي فيها المتغيرات الذاتية والموضوعية.

2_ وضع مخطط تنظيمي شامل واستراتيجي للقطر باستخدام تقنيات GIS وغيرها والتي نمتلك كفاءات وخبرة كافية لتنفيذه.

3_ التوجه نحو لا مركزية المدن والخدمات وخصوصاً العاصمة. فطريق دمشق حلب مؤهل لبناء الكثير من المدن الجديدة التي يمكن أن ترتكز على خلق وتوطين أنماط إنتاجية متعددة على غرار الصين، حيث أنشأت الدولة مُدن صناعية/زراعية/تجارية/وادي سيلكون خلال العقود الأربعة الماضية، وأضحت اليوم مُدن عالمية.

4­_ الاهتمام بالريف، لأنّه الخزان البشري والغذائي والاقتصادي للدولة.

5­_ بناء شبكة مواصلات حديثة والتي هي شريان أي تنمية اقتصادية وسكانية.

6_ التركيز على ميزة سوريا النسبية في الجذب السياحي التاريخي، فإعادة إعمار وترميم الأوابد التاريخية وتعزيز البنى التحتية للسياحة، من شأنه دعم القطاعات الأخرى.

7_ بناء قانون استثماري حقيقي وجاذب لرؤوس الأموال وليس لتبييضها.

8_ العمل على نشر ثقافة المساهمات التشاركية والمواطنة والانتماء المعتمدة على المجتمع المحلي، ونموذج النبك ودير عطية حاضر بقوة.

9_ تسويق حزمة إعادة الإعمار عالمياً وبشكل جذاب وذكي، فالكثير من الشركات الكبرى ترغب بدخول السوق السورية الواعدة بعد وجود وتوافر البيئة الاستثمارية الآمنة.

10_ تجنب سياسة القروض التي لا تعيد إعمار ولا تسمن من جوع. وإن وجدت فستكون أداة ضغط سياسية وسيادية، ولنا في مصر نموذجاً بائساً!

إعادة الإعمار هو التحدي الحقيقي القادم. المراهنة عليه هو المراهنة على أجيال قادمة لم تلد. هو مصفوفة وخطة عمل طويلة على عدّة مسارات يجب أن تبدأ بإعمار الإنسان وترميم وبناء تراكمات ثقافية، اجتماعية/طبقية، اقتصادية وخلق وتعميق مفهوم المواطنة، فهو السبب والهدف والوسيلة والغاية المرجوة

 

علي إسماعيل

دكتوراه بهندسة الكومبيوتر والكهرباء من جامعة كولومبيا

تطوير برامج الذكاء الاصطناعي بشركة UBER

إحدى الأولويات التي تسترعي الاهتمام دوليا هي الطاقة البديلة وإدارة المياه، وأؤكد على أهمية هذه المشاريع في سوريا، وخصوصا إنشاء سدود لتخزين الكهرباء عبر الطاقة الشمسية والرياح. إن مثل هذا الاستخدام للطاقة البديلة المتجددة (الشمسية والرياح) سيكون فعالا لضخ المياه من مستويات منخفضة إلى مستويات أعلى في سدود جديدة، وتخزين الطاقة التي يمكن استخدامها لتشغيل العنفات المائية لتوليد الكهرباء، يمكن استخدام الكهرباء المولدة للأغراض العامة ولإعادة توجيه المياه إلى المناطق الجافة كذلك. إن المياه المخزنة في السدود ينبغي استخدامها في الزراعة المائية/الهوائية وليس في الزراعة القديمة.

  يمكن أيضا وضع تصنيف جديد للمشاريع القادمة من خلال قانون البناء يخفض البصمة الكربونية للمباني الجديدة، وذلك عبر فرض كود يفرض استخدام المنشآت الجديدة الألواح الشمسية، ومقاييس إضافية لتوفير الطاقة.

   أخيرا على الحكومة إعداد جدول زمني للانتقال إلى وسائل نقل تعمل بالطاقة الكهربائية والقيادة الذاتية، وتوجيه مشاريع إعادة الإعمار لمراعاة ذلك، ويتضمن هذا الأمر البنية التحتية الجديدة للطرق السريعة مع محطات الشحن السريع ووصلات الإنترنت وكل ما يتعلق بهذه المواضيع

عنان تللو

إعلامية وكاتبة

لا يمكن لمرحلة إعادة الإعمار في سورية أن تبدأ قبل أن تمر مؤسسات الدولة بإصلاحات جذرية تخلّصها من الفساد الذي يشكّل العائق الأول في عملية إعادة الإعمار. ثم لدينا البنية المجتمعية التي أنهكتها الحرب وأثرت على شعورها بالانتماء للوطن، إذ كشفت الحرب عن نوع من غياب الهوية السورية وشعور جزء ليس بضئيل من الشعب بأن وطنهم عبءٌ عليهم. لابدّ من التعامل مع مشكلة الهوية السورية على أنها لا تقل أهميةً عن الدمار الذي حل بالبنية العمرانية.

بعد ذلك تأتي قضية إعادة الإعمار، والتي تحتاج إلى استراتيجية واضحة يبدو أنّ الحكومة لا زالت تفتقر إليها. وبالنسبة للتمويل، فليس أمام سورية خيارات كثيرة، فالاعتماد على الاستثمارات الصغيرة ومشاريع التنمية ليس كافيًا لإطلاق جهود إعادة الإعمار، ودول الغرب وضعت شروطًا سياسية ترفضها الحكومة السورية لمشاركتها في التمويل، والمشاركة الصغيرة نسبيًا لروسيا وإيران والصين والبرازيل لا تغطي التكاليف الهائلة لإعادة بناء ما دمرته الحرب

جبران خانجي

منظم مجتمعي

هنالك سيناريوهين أساسين أمام الدولة السورية فيما يتعلق بتمويل إعادة الإعمار. أولاً: سيناريو في غياب تسوية سياسية، تقوم على أساس إشراك المعارضة وفئات سورية أخرى في السلطة، وعندها سيكون التمويل محصوراً ضمن محور الدول الداعمة للحكومة السورية (روسيا، إيران، الصين)، مما يعني شروط مجحفة قد تقوض سيادة الدولة السورية على أراضيها. السيناريو الثاني: يرتكز على افتراض حصول تسوية سياسية مقبولة من طرف المجتمع الدولي، مما يفتح شهية أمريكا وأوروبا للمساهمة في عملية إعادة الإعمار، ليس فقط بهدف إعادة الاستقرار والأمن في البلاد، مما يشجع عودة اللاجئين من دول الجوار، ولكن أيضاً بهدف استخدام هذا التمويل كمحفز للدولة السورية على الاستمرار باتخاذ المزيد من الخطوات لبناء سلام مستدام في البلاد.

غمار ديب
محامي

إعادة الإعمار ليست مهمة الحكومة فحسب ولا المجتمع الدولي ولا المنظمات الدولية رغم أهميتها. هي مهمة كل سوري وسورية يؤمنوا بالوطن والانتماء له. سوريا بحلتها الجديدة يمكن أن تُبنى بعد بناء بيئة جاذبة للأعمال الصغيرة والمتوسطة لأنهم هم من سيشكلون الطبقة الوسطى التي تلاشت خلال الحرب. التشارك مع القطاع الخاص السوري في الخارج والداخل أولوية بعد وضع تشريعات مطمئنة لعودة المال السوري النظيف. دعم الزراعات والصناعات البسيطة والعودة لثقافة “صُنع في سوريا”. لبناء جيل يؤمن بالمواطنة (وليس بالعائلة او العشيرة او القبيلة) يحتاج لمنهج تعليمي مبني على التحليل وليس على التلقين والبصم. وقضاء نزيه يشكل مظلة أساسية لأي استثمار أجنبي وعامل جذب مهم لرؤوس الاموال في تأمينه بيئة تشريعية ضرورية لانطلاق عملية إعادة الاعمار.

ألان سعود

مقاول ومدير مشاريع هندسية

ماجيستير هندسة بناء من كندا

   أوليات إعادة الإعمار؛ هي البداية على أرضية صحيحة تجنبا لأي انتكاسة بالمستقبل، يجب ان نتعلم من أخطائنا، ونتعلم من تجارب الآخرين. فمن الناحية النفسية الاجتماعية يجب توفير الظروف الموضوعية لبناء سلم أهلي ذو ديمومة قائم على المعرفة وحرية التفكير، ومنع تكرار الظواهر التي أدت الى تفاقم الأزمة، من ارساء عدالة اجتماعية، وإشراك المواطنين بفعالية برسم سياسة بلدهم من خلال أحزاب سياسية فاعلة بشكل ينعكس على الحالة الاقتصادية.

   بالنسبة لعمليات الاعمار العامة من المفترض إعطاء الأولية للداخل وللخبرات والأيدي المحلية القادرة على تحديد الاحتياجات المحلية، حلب مثلا، أما المشاريع الأكبر التي تحتاج الى خبرات خارجية وتمويل فالأولوية للحلفاء، ولكن مع الحصار الاقتصادي ستظهر صعوبات لوجستية وهنا لابد من اشراك الشركات الغربية بشكل جزئي، دون أن يؤثر على القرار السيادي، فالحجم الكبير لإعادة الإعمار يتطلب الخبرات الغربية، ومن الممكن أن تقوم الصين بالعمل الأكبر كمقاول، بينما يبقى موضوع الدراسة وعمل الشركات الاستشارية والإشراف على التنفيذ، وهنا سيظهر دور حيوي ايضا للشركات السورية بما فيها القطاع العام الذي سيلعب دورا كبيرا على كافة الأصعدة.

   ستتم سياسة تنفيذ المشاريع على الأغلب بالطريقة التقليدية للتصميم وتقديم العروض (design bid build) التي تأخذ وقتا اطول من ناحية الدراسة والتنفيذ، والبناء المرحلي (Phased construction) للمشاريع المكررة، ولا أظن ان يكون هناك مسار سريع (fast track) على حساب الجودة، الا إذا كان هناك إمكانية تنفيذ المشاريع الحيوية التي يتطلب تنفيذها أهمية قصوى وفي هذه الحالة قد تكون الشراكة بين القطاعين العام والخاص (public private partnership) حل مناسب، إذا سمحت سياسة الدولة.

زياد دميان

مهندس معماري

ان عملية التخطيط والبناء تقتضي، في ظروف طبيعية، وجود منهجية متشعبة للغاية. ومهمة كهذه تصبح شاقة بعد سنوات من الصراع الأهلي الدموي. لذلك يجب أن نجعل إعادة البناء حافزًا رئيسياً لإعادة تكوين النسيج الاجتماعي. وإن لم نفعل ذلك فهذا سيقود الي فتح الجروح المندملة وعودة اللجوء الى العنف. وبالتالي، يجب ان نتبع نهجاً بنّاءً على أساس لا غالب ولا مغلوب. وفي هذا الإطار لدينا في الواقع فرصةً ثمينة، وهي ان نجعل من اعادة الإعمار وسيلة فعّالة ليس فقط لوقف هجرة الأدمغة بل أيضاً لعودة هذه الأدمغة وبقائها في الوطن للمساهمة في نهضة البلاد. وهذا امر ملح.

جهاد خليل

مهندس معماري استشاري

لعل أهم ما يميز هذه الأيام الحديث عن اعادة الإعمار، وهو أمر بديهي بعد حرب شعواء دمرت البشر قبل الحجر، لكن المستغرب طريقة التعامل مع هذا الأمر البالغ الأهمية بطريقة أقل ما يمكن أن يقال عنها بأنها سطحية نفعيّة فاشلة، فالمستغرب ألا نطلع على تجارب من سبقونا بهذا المجال مثل اليابان وألمانيا، وهما من أكثر الدول التي تعرضت للدمار الشامل واستطاعت بفترات وجيزة إعادة إعمار البشر والحجر معاً.

من المستغرب اننا نتعامل مع الموضوع بخفة واستهتار، فهناك ألف سؤال علينا أن نجيب عليهم قبل البدء بهذه الثورة ولعل أهمها:

– لمن سنبني ونعمّر، لمن هجروا من ديارهم قصراً أو طواعية، وهم غالبا الطبقة الأفقر في المجتمع؟ لمن أمضى سبع سنين من عمره يقاتل على الجبهات وليس لديه فرصة للاستمرار بحياته دون ما يؤمن له حياة شريفة؟ لتجار الحرب الذين انتفخت بطونهم حتى الثمالة؟ للجيل القادم الذي حُرم من كل مقومات الطفولة والشباب؟

– السؤال الثاني: من سيبني ويعمر؟ أين هي اليد العاملة التي كنا نباهي الدنيا بكفاءتها وقدراتها؟ وكيف السبيل لعودتها ودعمها؟

– السؤال الأهم من أين سنأتي بالأموال لإنجاز هكذا أمر، والتقديرات تقول بما يعادل ٣٠٠ مليار دولار؟ وان كان هناك شركاء فما هو الثمن؟

من خلال اطلاعي على بعض الافكار والمشاريع المطرحة، مثل الماروتا سيتي، دهشت عندما حاولت أن أجيب على هذه التساؤلات، ابتداء ً من لمن سنبني، لأكتشف أن الكلفة التقديرية للشقة بحدود ٤٠٠ ألف دولار، هذا يعني أنها لا تشمل أحد من الغالبية العظمى ممن تضرروا من هذه الحرب، وهي تقتصر على تجار الحرب والطبقة المخملية، حتى أصحاب الأراضي لن يستطيعوا تحمل نفقات هذه الأبنية الباهظة التكاليف.

بالنسبة لسؤال كيف ومن سيبني فالإجابة غامضة ومجهولة، وأخير من سيمّول هذه المشاريع والإجابة ايضاً إن لم تكن مجهولة فهي تعطي فكرة عن المستفيد من هكذا مشاريع ومدن فضائية. وإذا انتقلنا الى النواحي التقنية والهندسية سنفاجئ بطروحات وأفكار وتصاميم أقل ما يمكن أن يقال عنها كرتونية حالمة أمام المعطيات والواقع الموجود: أبنية باهظة التكاليف بتقنيات فوق الخيال بمواد بناء غير متوفرة الا من الخارج، وبحلول ووظائف لم نراها حتى في دبي مدينة الأحلام. من يستطيع تحمل تكاليف أبنية سكنية يزين سطح كل منها مسبح طائر، لا تقل تكاليفه عن مليون دولار في بلد محافظ ومنهك، علما بأنه حتى في أكثر الدول المتقدمة وجدوا أن هذه الفكرة مبالغ فيها، وعمدوا الى هدم هذه المسابح واستغلالها لأمور أكثر فائدة وأهمية، ولعل هذا مثال عن العديد من الافكار المطروحة للاستعراض فحسب!  وللأسف نكتشف أن من يخطط ويصمم ويدرس ويراقب ويقرر همه الأول والأخير الفائدة المرحلية الآنيّة، أما النتائج والتبعات فهي للزمن ولمن سيعيش ليشهد على المفاجآت القادمة.

بسام نجيب

محامي

  تعرضت سورية لازمة قل نظيرها في التاريخ الحديث، وتعزى اسباب هذه الازمة الى عوامل متعددة منها خارجية ومنها داخلية، اما الاسباب الداخلية فعديدة أيضا، الا أني سأقتصر البحث بموضوع النظام العمراني وأثره السلبي على المجتمع كأحد اسباب الازمة بشكل او باخر، وهذه السلبية ناتجة عن القصور التشريعي والاداري في معالجة هذه المشكلة.

   اعادة الاعمار يحمل الكثير من العناوين التي تبدو بالشكل منفصلة عن بعضها، لكن بالمضمون تؤدي الى نتيجة واحدة، فالسؤال هو كيفية اعادة اعمار سورية اجتماعيا وسياسيا وثقافيا وعمرانيا وانسانيا؟ والناحية التشريعية ترتبط بهذا السؤال وتشكل ما يمكن تسميته اعادة الاعمار الاجتماعي.

   عمليا صدر في سورية عدد من القوانين التي تبحث بإنشاء مشاريع سكنية؛ منها قانون التطوير العقاري وقانون الاستثمار وقانون إلزام مالكي العرصات ببنائها او تضع الدولة يدها عليها …. الا ان جميع هذه القوانين جاءت جوفاء من حيث التطبيق العملي لأسباب عدة، اهمها التفاوت الكبير بين ثمن الشقة وبين متوسط الدخل الشهري للفرد الواحد في سورية، مما جعل هذه القوانين بحالة عطالة من حيث التطبيق او الاستفادة منها.

ولكي نصل الى صيغة تلبي حاجات المجتمع السكانية لا بد ان نضع بنصب اعيننا القيام بالتالي:

  1. وقف الزحف العمراني المخالف، لما له من أثر سلبي على المجتمع اقتصاديا واجتماعيا، فالمخالفات العمرانية تكلفتها اضعاف مضاعفة عن البناء النظامي والمخطط، هذا عداك عن عدم قدرة الدولة ملاحقة ما يتبع ذلك من سرقة كهرباء وماء…. وهذا ما يخل بالعدالة الاقتصادية بين الافراد، حيث يكون هؤلاء طفيليين على حساب سكان المناطق النظامية، مما يؤدي الى خسارة الدولة ملايين الليرات السورية لقاء ذلك، فانه لو حسبنا تلك الكلف لأخذنا حاصل الخسارة التي تتعرض لها ميزانية الدولة.

   من ناحية اخرى تخلق كانتونات عائلية وطائفية ومناطقية معزولة عن باقي مكونات المجتمع، حيث ما ان يبني شخص بناء مخالف حتى يأتي شقيقه ويبني الى جانبه ثم قريبه ثم ابن منطقته ثم ابن طائفته …وهكذا يتشكل كانتون مغلق على نفسه يتعصب لعاداته وتقاليده وتأخذه العدوانية ضد اي مخالف له بالرأي، هذا إضافة عن المنظر العام الذي يؤثر على نفسية القاطنين تلك المناطق، بحيث يرون ان الغير يتعدى على حقوقه بينما هو المتعدي على اراضي الدولة ومرافقها، والمسؤولية تعود على الدولة وليس الافراد، وامام هذا الواقع لا بد من وضع الدراسات الواقعية والعملانية لتجاوز هذه الازمة من الناحية التشريعية والاجتماعية، والإدارية أيضا.

  1. وضع التشريعات التي تواكب الحركة العمرانية وتكون متناسبة مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي لأفراد المجتمع، وهذه التشريعات يجب ان تتضمن في نصوصها:
  • تأمين السكن الصحي والجمالي لأفراد المجتمع، مع مراعاة ان يكون لكل فرد في المجتمع ما ان يبلغ الثامنة عشرة من عمره منزلا ملائما له ولعائلته، مع الاخذ بعين الاعتبار الامتداد الاخضر في المدينة وتأمين البنى التحتية للمنطقة السكنية والمرافق الرياضية لكل منطقة.
  • اقامة الدولة لمناطق سكنية بكافة مرافقها من تعليمية واجتماعية واقتصادية وثقافية، وتأجيرها لأفراد المجتمع باجر شهري لا يتجاوز ربع الراتب، او بيعها تقسيطا الى المواطنين لمدد طويلة الامد دون فوائد، او بمعدل فائدة بسيط لا يؤثر سلبا على المستوى المعيشي للفرد.
  • اقامة مناطق صناعية وتجارية في تلك المناطق تتناسب واختصاصات ابناء تلك المنطقة ومواردها، وتؤمن العمل للقاطنين فيها مما يخفف من هدر الوقت والمال عن الانتقال الى مناطق اخرى للعمل.
  • ازالة كافة المخالفات الموجودة في المدن وانشاء مناطق سكنية متكاملة على النسق المنوه عنه أعلاه، شرط ان يتم سكن تلك المناطق من جميع المكونات السورية الاثنية والمناطقية والطائفية، ويكون المعيار مدى انسجام عمل الشخص مع طبيعة تلك المنطقة بغض النظر عن اي امر اخر.
  1. وضع مخططات تنظيمية للأرياف تحافظ على طابعها الريفي، كي لا تبقى كما هي عليه الحال الآن، فهي ليست ريفا ولا تصبح مدنا، وازالة كافة المخالفات فيها وفق قوانين توضع لهذا الشأن.
  2. انشاء مدن حديثة داخل سورية في البادية على امتداد طريق دمشق-تدمر-دير الزور؛ للتخفيف من الاكتظاظ السكاني في المدن الكبرى وخاصة دمشق، وللاستفادة من المساحات الهائلة المهملة في سورية، وبقصد التوزيع العادل للسكان على المستوى الجغرافي والبيئي على كل الاراضي السورية، ووضع القوانين والانظمة التي تتناسب وهذا العمل.

قاسم الشاغوري

باحث وناشط في الشأن العام

ينبغي على عملية إعادة الإعمار أن تأخذ بعين الاعتبار مئات آلاف اللاجئين الموجودين في دول الجوار، فعودة المواطنين السوريين من دول اللجوء ستكون مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بعملية إعادة إعمار بلداتهم ومدنهم وأماكن سكنهم الأصلية، لذلك إن إعطاء الأولوية لهذه المناطق سيشجع هؤلاء المواطنين على العودة إلى وطنهم والمساهمة في إعادة الإعمار فيه. لا سيما وأن هذه العملية ستقوم بتوفير مئات الآلاف من فرص العمل سيكون هؤلاء المواطنين هم أساسها، وبالتالي ينبغي أن تكون هذه العملية مضبوطة وفق رؤية وخطة وطنية اقتصادية شاملة، بعيداً عن العشوائية، تبدأ هذه الخطة بالبنى التحتية في المدن والمناطق المدمرة، ثم تذهب تدريجياً باتجاه الخدمات الأخرى، وعليه يجب البدء بمشاريع وبرامج تقوم بتمكين المواطنين مما يساعدهم على البقاء وتؤمن لهم فرصاً للعيش الكريم.

إن عملية إعادة الإعمار تتطلب وبشكل دقيق مراعاة عدم الارتهان لأجندات لا تخدم المجتمع السوري بشكل كامل، و وبالتالي ينبغي على من يدير هذه العملية عدم ترتيب أعباء مستقبلية على الأجيال القادمة من الشعب السوري، وعلى اعتبار أن الخيارات المالية الكبيرة ليست متنوعة وأحياناً ليست متاحة، فإنها في الوقت ذاته يجب ألا ترتبط بشكل من الأشكال بأي شروط أو إملاءات سياسية خارجية، وعلى ذلك ينبغي على مخططي إعادة الإعمار الدراسة الحثيثة لإمكانات السوريين أولاً، سواء من خلال السعي وراء رؤوس الأموال السورية المنتشرة حول العالم، وترغيبها بالعودة والاستثمار في عملية إعادة إعمار البلاد، وفتح الباب أمام الدول التي دعمت سورية، والتي لم تتورط بدعم الإرهاب فيها. إن أي عملية لإعادة الإعمار يجب أن تتطلب بالحد الأدنى عدم الرضوخ لإملاءات سياسية، وعلى الدول التي ترغب بدعم هذه العملية تفعيل علاقاتها السياسية بشكل كامل مع سورية ودون شروط سياسية قبل الحديث عن إعادة الإعمار.

بالإضافة إلى ذلك، فإنه ينبغي على الحكومة إعادة دراسة إمكانات البنية الاقتصادية والاجتماعية السورية، ودعم القطاعات الأكثر انتاجاً بدل البحث عن بدائل اقتصادية قد ترتب قروضاً ضخمة وأعباء لا يستحملها المواطن السوري الحالي أو الأجيال القادمة. فعلى سبيل المثال، الاهتمام بإصلاح الأراضي الزراعية سيكون مفيداً للغاية من ناحية تأمين الكفاية الغذائية الذاتية لسورية خلال خطة محكمة، لا سيما إذا علمنا أن القطاع الزراعي السوري قبل الحرب كان من أكثر القطاعات المنتجة والتي أدت بدورها إلى كفاية غذائية ذاتية في الأساسيات في سورية ولسنوات طويلة، بمقابل خسارات هائلة طالت هذا القطاع في الحرب أدت لاضطرار الحكومة السورية للجوء إلى استيراد الكثير من المواد الغذائية وعلى رأسها القمح الذي كان مخزونه في سورية مضرب مثل للدول قبل الحرب. كما أن تركيز الاهتمام على هذا القطاع ورفع إنتاجيته ستعيد مستويات التصدير إلى ما كانت عليه قبل الحرب، لا سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار أن صادرات سورية ومنتجاتها الزراعية مفضّلة في كثير من دول العالم وعلى رأسها زيت الزيتون والقطن والفستق الحلبي واللوز والحمضيات. إضافة لإيلاء الاهتمام الكبير بالغاز والنفط السوريين المتوقع وجودهما في المياه الاقليمية السورية مع الأخذ بعين الاعتبار كميات النفط السورية المتواجدة في منطقة الجزيرة التي ما زالت تعتبر منطقة أعمال حربية حتى الآن بسبب وجود داعش والقوات الأمريكية هناك.

إن من شأن هذه السياسات تأمين كمية من المال قد تكون قادرة على إنعاش الاقتصاد السوري، ودفعه للأمام، لاستثمار هذه الأموال بشكل كبير في عملية إعادة الإعمار، شرط أن تكون هذه العملية مرهونة بإعادة النظر بالتشريعات الاقتصادية والمالية والضريبية المتعلقة بهذه العملية، وتمكن البنية القانونية لعملية إعادة الإعمار، عبر مكافحة الفساد وإبعاد المحسوبيات وإتمام عملية الإصلاح الإداري المطلوبة.

مازن العظمة

مهندس معماري

مختلف الإدارات الداخلية والخارجية تقوم بالإعداد لإعادة اعمار سورية، رجال أعمال وشركات عالمية ومحلية تعد العدة للمشاركة بهذه العملية. مكاتب وخبراء محليين وعالميين يقومون بدراسة الخطط والنظريات، لكيفية إعادة الاعمار، وكلٌ له أهدافه وتوجهاته….

إن السياسات والخطط والاستراتيجيات (مخططات إقليميه، تنظيمية وتفصيلية) التي قمنا بإعدادها سابقاً لا تزال سارية المفعول، وكثير منها أصبح حتى أكثر ملائمة (نتيجة إعادة التموضع السكاني) …. وبعضها يحتاج إلى بعض التعديلات الطفيفة.  حتى أنه أصبح من السهل جداً توثيق الأضرار المادية (الدمار) التي حدثت وعكسها على مخططات ورقيه والكترونية، ويمكن الاعتماد على هيكليات إدارية قائمة التي تم العمل على اعدادها وتدريبها خلال الأعوام الثمانية الماضية.

وهنا نستطيع القول بأن الإطار الوطني للتخطيط الاقليمي، الذي تم إقراره في عام 2011 من قبل رئاسة مجلس الوزراء، لا يزال ساري المفعول مع بعض التعديلات الطفيفة، بما فيها إضافة المناطق المتضررة نتيجة الحرب، وإعادة تموضع التجمعات السكانية.

سؤال: كيف نستطيع الاستفادة من كافة الجهود المبذولة من الجهات المختلفة، بغض النظر عن أهدافها، بشكل نحقق فيه الفائدة القصوى للوطن والمواطن بكل موضوعية؟ وماهي الأولويات؟

الأولويات: بماذا نبدأ ومتى وكيف….

  1. التمويل: خارجي أو داخلي…، هبات أو قروض….
  2. ما هي وظيفة المؤسسات المالية العامة والخاصة؟ ما هي التداعيات الاقتصادية من خلال ضخ الكتل النقدية داخلياً؟ ومن خلال الاقتراض خارجياً؟ على المدى القريب والمتوسط والبعيد؟ وماذا يقابل الهبات من خدمات تجاه الجهات المانحة؟
  1. البنى التحتية:
    1. الكهرباء: أول مرفق يجب إعادة تأهيله (شبكات وتوليد….) إذ لا اقتصاد بدون كهرباء….
    2. الطرقات والنقل: شبكات ومرافق، إذ لا اقتصاد بلا نقل…
    3. المياه: شبكات وموارد ومحطات تحليه، إذ لا إعمار بلا مياه…
    4. الصرف الصحي: شبكات ومحطات صرف، إذ لا مياه بلا صرف….
    5. الاتصالات:
  1. الحَجَرْ:
    1. المدارس: ترميم وإعادة بناء المدارس، وإيجاد حلول ولو مؤقتة لإيقاف التسرب وإبعاد الناشئين عن الشوارع بأقرب فرصه ممكنه، للحفاظ على الأجيال وإعادة ضمها إلى المجتمع.
    2. المراكز الصحية: الحد من انتشار الأمراض المعدية وأمراض الأطفال، وإعادة تأهيل مصابي الحرب بالبدء بإعادة تأهيل المستشفيات الصغيرة والمستوصفات فوراً.
    3. السكن: ترميم، حلول إسعافيه وابتكاريه، إعادة الاعمار، آخذين بعين الاعتبار المتطلبات المحلية (عادات، تقاليد، بيئة) بمعايير عالميه، مع الاستفادة من جميع الخبرات.
    4. معامل وصناعة: وضع أولويات مع الاهتمام بالصناعات الغنية بالأيدي العاملة.
    5. مراكز اجتماعيه: للمساهمة بإعادة ربط أواصره المجتمع ونبذ الفرقة.
    6. الإرث الحضاري: آثار ومتاحف!!!
  1. البشر:
    1. مراكز اجتماعيه.
    2. مناهج تعليمية (وخاصة ديانة، تاريخ وقومية).
    3. مصالحة وطنيه (جمعيات حكومية وغير حكومية، جمعيات خيرية).
    4. إعادة تأهيل بسيكولوجيه وفيزيولوجية.
    5. إعادة تأهيل تقنية وحرفية
    6. إعادة المهجرين وتوطينهم
  2. مستلزمات: استيراد(جمارك) أو تصنيع محلي(تسهيلات)
    1. مواد بناء (اسمنت، صحية، إكساء).
    2. ابتكارات، مستلزمات بناء وطاقة، تتناسب مع الوضع القائم.
    3. آليات بناء.
    4. مواد طبية.
    5. مواد تقنيه (كهرباء وطاقة).
    6. آلات إنتاج (معامل).
  3. قطاعات: تخطيط، إشراف وتنفيذ
    1. قطاع عام.
    2. قطاع خاص.
    3. قطاع مشترك.
    4. قطاع خارجي: الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي، البريكس، الدول الصديقة.
  4. أمور أخرى كثيرة ومهمة أيضا….

النتيجة:

هناك عمل ضخم لسنين قادمة يستحسن التحضير والتخطيط له وتنفيذه بناءً على خطة زمنية مرتبطة بالموارد المتاحة.

هذا العمل يدر بأرباح ورخاء لكافة أفراد الشعب السوري، بلا استثناء، كما انه يساهم في توحيد المجتمع وراء هدف واحد.

ومن أجل تلافي التناقضات بالخطط مع توفير الموارد وتقليص عامل الفساد نقترح ما يلي:

  1. انشاء صندوق مستقل (صندوق إعادة الاعمار) يُعنى بالأمور المالية، من هبات وقروض، ويحدد الكتل المالية التي يجب ضخها دورياً (هبات، قروض وفوائد)، بناءً على أسس ومعايير، تتماشى مع الاقتصاد العام في سورية، كما ويحدد دور المصارف العامة والخاصة، وكذلك الشركات النقدية والاقتصادية، في عملية إعادة الاعمار تحت إشراف المصرف المركزي أو المشرِّع المالي (تضخم!).
  2. إنشاء هيئة مستقلة، ذات صلاحيات عالية (هيئة إعادة الاعمار).
  • يتم انتداب موظفيها وخبراؤها من مختلف الإدارات المعنية.
  • تتعاقد هذه الهيئة مع مختلف الخبراء المحليين والعالميين، لإنجاز الاستراتيجيات المقترحة، بناءً على الأولويات.
  • تتولى هذه الهيئة قيادة إعادة الاعمار.
  • تقوم هذه الهيئة بإعداد الخطط والاستراتيجيات، وتحديد الأولويات (لتفادي أي تناقضات أو هدر للموارد في عملية إعادة الإعمار)، وترفع مقترحاتها للجهات العليا لإقرارها، وتشرف على تنفيذها.
  • تنسق كافة الادارات المعنية بالإعمار (إسكان، بنى تحتية تقنية واجتماعيه، صناعة، سياحة واقتصاد) مع الهيئة، لتحديد أولوياتها وتفادي التضارب والتناقض بالخطط والهدر بالموارد
  • يكون للهيئة موظفين في كافة المحافظات، وهم موجودين فعلياً (مكاتب دعم القرار أو إدارات التخطيط الإقليمي).
  • يمكن الاستفادة من هيئة التخطيط الإقليمي (مخططات ونظم)، وهيئة تخطيط الدولة (ميزانيه وتعاون دولي)، بعد إعادة هيكلتهما.
  • يتم التنسيق بين الهيئة ومختلف الوزارات والقطاعات، لملائمة وتنسيق الأولويات لإنجاز أمثل وأسرع لعملية إعادة الاعمار.
  • تقوم الهيئة بوضع اقتراحات تساهم في تسريع وتخفيض كلف إعادة الإعمار، وتطرحها للجهات المعنية لدراستها وإقرارها، وبالسرعة القصوى (صناعة، جمارك، مالية، تجارة….)

هذه رؤى أوليه شامله وضعتها بناءً على ملاحظاتي للتخبط الشديد وانعدام التنسيق القائم بين مختلف الجهات (عامة وخاصة)، ومع التجار والصناعيين (لاقتطاع جزء من الكعكة)، ومع ما تقوم به الجهات الدولية، وكل على حداه (كل جهة تعمل بمفردها) …

وما يجب أن تقوم به الدولة، من وجهة نظري، لتدوير عجلة الاقتصاد وتخفيف آثار الحرب على المواطن.

التساؤلات:

  1. ما حجم دور الأمم المتحدة أو الإسكوا أو الجهات الأخرى في إعادة الاعمار؟
  2. كيف يتم التنسيق مع السلطات المحلية؟ من أجل تسهيل المهمات وتقليص التناقض
  3. كيف تستطيع هذه المنظمات أن تعمل من غير تناقض أو تضارب مع جهات أخرى (محلية، أجنبية، خاصة وعامة)؟ والهدف الأول والأخير هو مساعدة المواطن….
  4. حجم الدمار العمراني هائل، والدمار الاجتماعي والإنساني أكبر… ماهي أولويات العمل لدى الاسكوا أو الأمم المتحدة:
  • سياسات، خطط واستراتيجيات؟
  • ترميم؟، إعمار؟ وماذا؟: مدارس، سكن، بنى تحتية، مستشفيات؟
  • تعليم؟، خدمات اجتماعية؟، خدمات صحية ونفسية؟
  • أطفال؟
  • ضحايا حرب؟
  • إلخ….

دكتور منصور فرح

 استشاري معلوماتية للتنمية

من مؤسسي مركز الأبحاث بسوريا

   إن إعادة إعمار سوريا بعد انتهاء الحرب تتطلب العمل على عدة محاور، منها ما يتعلق بإعادة تكوين الإنسان والمجتمع السوري، خاصةً الشباب، ومنها ما يتعلق بإعادة بناء وتطوير البنى الأساسية، بما فيها السكن المهدم والمنشآت الصناعية المدمرة وغيرها. ونظراً لارتفاع تكلفة إعادة الإعمار هذه وضعف التمويل الضروري للمشاريع المطروحة، لا بد من وضع أولويات. فالمجالات الإنتاجية كالمصانع هي الأَولى بالتمويل لأنها تدعم النشاطات الاقتصادية من خلال توظيف وبناء قدرات اليد العاملة المحلية وتوفير الدخل للشباب وتخفيض البطالة وسد الاحتياجات المادية للمواطنين بأسعار أدنى من مثيلاتها المستوردة وإعادة ضخ الأرباح في مشاريع إنتاجية أخرى. لذلك ينبغي على الدولة تسهيل إعادة إعمار المناطق الصناعية (خاصةً في حلب وريف دمشق) وتوفير الطاقة الكهربائية لها باستمرار ودعمها على أسس اقتصادية لتنطلق بشكل فاعل يشجع الصناعيين السوريين على العودة وعلى إعادة استثمار أموالهم المتوفرة في الداخل والخارج. ويأتي الإنتاج الزراعي والصناعات الغذائية المرتبطة به عالياً في سلم الأولويات لإعادة إعمار سوريا نظراً لأهمية الاكتفاء الذاتي الغذائي والفائدة الاقتصادية الكبيرة لتصدير المنتجات.

د. نعيم نزهة

مؤسس ثلاث مراكز علاج الأورام في الولايات المتحدة

الحكومة السورية هي الأكثر تأهيلاً في تقرير أولويات إعادة الإعمار ، لكني سأقترح الأفكار التالية: 1) ينبغي على لجنة يتم اختيارها بعناية تتألف من أحد عشر عضوًا يرأسها الرئيس الأسد أن يناقشوا ويصوتوا على منح العقود الكبيرة. وينبغي أن يكون السيد الرئيس في نهاية المطاف مسؤولا عن ضمان أن يستند الاختيار إلى الجدارة. 2) يجب أن تلغي سوريا إعانات الغذاء والطاقة وأن تحل محلها الإعانات التي تستهدف الفقراء والمحتاجين فقط. يجب ألا يتلقى السوريون الأغنياء إعانات حكومية. 3) في حالة منح الشركات الأجنبية للعقود ، يجب إلزامها بتدريب الموظفين السوريين على تحسين مهاراتهم 4) إضافة صندوق تبرع في المكاتب التي يقدم فيها موظفي الدولة خدمات إلى المواطنين… ويتقاسم موظفي المكتب التبرعات

بشار جزماتي

مستشار استثمارات لقطاع الطاقة

على المعنيين بالموضوع وضع جدول واقعي باحتياجات الإعمار مبني على الأولويات والحاجة لتقنيات معينة.  وهذا الجدول سيساعد على الخروج من العموميات والتضخيم الى وضع خطة عمل حقيقية قابلة للتطبيق.

على الأغلب ستكون المشاريع ذات حاجة تقنية منخفضة (إعادة بناء طرق وجسور ومحطات توليد طاقة) وكلفة معقولة بعيداً عن التهويل الذي تمارسه بعض جهات الإقراض والدراسات والتي لها هدف سياسي معين من خلف تضخيم الحاجات.

ومع وضع ذلك الجدول الواقعي، يمكن عندها وضع خطة تمويل إما من القدرات الذاتية أو من الجهات المتوفرة لتلك المشاريع (مثل مؤسسات تمويل البنى التحتية الآسيوية وعقود لشركات من دول صديقة ساندت الدولة خلال الأزمة ذات قدرة على التمويل والتنفيذ وإقصاء أية مصادر خليجية أو لبنانية أو أردنية -حيت أن تلك المصادر من الناحية العملية كان لها دور في السوق السوري قبل الحرب ولم تدر فائدة تذكر ومواقف حكوماتها خلال الحرب لا يجب أن تمر بدون رد فعل.

بشكل عام يجب أن تكون الخطة واقعية وبعيدة عن العموميات وتضع مشاريع ذات طابع أولوي لتمهد للمرحلة التالية من إعادة النهوض التي تكون بحاجة لتقنيات متقدمة أكثر وتمويل أكبر وإجراء بحث عملي لمصادر خبرة وتمويل بعقلية مختلفة عما كانت تنتهجه الدولة قبل الأزمة.

ديمة سلطان
تطبيقات الهندسه و الفيزياء في الطب الاشعاعي مركز علاج السرطان- جامعة كانساس

موضوع هذا الشهر يحتاج لاجابات عميقه و موسعه و مدعمه بمراجع بحثيه و منشورات علميه. ولكن بشكلٍ عام: … التعليم أولويه الاولويات. النوع و ليس الكم. المرحله الجامعيه تحتاج إعاده ترتيب جذريه بدءا من المنهاج الى عدد سنوات الدراسه. علينا أن نتجه الى تدريس موادنا العلمية باللغه الانجليزية، ولا داعي للقلق المبالغ على هويتنا العربية. نحتاج الى رؤيه واضحه واقعيه لاهداف المرحله الجامعيه ، هل الهدف تخريج دفعات مستقبلها وظيفة حكومية روتينية؟ لا … نحتاج إلى مساعدة طلابنا على الاستعداد لتأسيس وإدارة الشركات الناشئة في التمويل أو مجالات التكنولوجيا مثل البرمجة والحوسبة السحابية والبيولوجيا والذكاء الاصطناعي والطاقة البديلة والمعلوماتية الحيوية والتعلم الآلي



Comments (1)


Jad said:

اعادة الإعمار في سورية
الجانب العمراني للمدن المتضررة
من أين نبدأ؟
يجب البدء من حيث كنا.
المشكلة الاساسية لإعادة الإعمار تكمن في ان الموارد الموجودة و الخبرات أصبحت قليلة و الأموال اللازمة للبناء غير متوفرة بالكامل و مواد البناء بحاجة للتنقيب و فوق ذلك لا يوجد قواعد للبناء و مخطط تنظيمي عام للمدن المتضررة

أولويات اعادة الإعمار من الناحية العمرانية:
-من الاولويات الواجب مراعاتها لإعادة الإعمار هي بالتركيز على البيئة الاجتماعية و التجمعات السكنية اللتي تعتبر الركيزة الاساسية لإعادة انتاج المجتمع قبل البناء
بالتوازي مع ذلك لا بد من العمل على وضع مخطط تنظيمي عام يكون مناطقيا بمعنى انه يعكس الخصوصية المعمارية و النسيج العمراني لأي منطقة و يحترم التميز الثقافي، التاريخي و الاجتماعي للحي/ البلدة/ المدينة و ذلك لتجنب احداث طفرات عمرانية دخيلة تكون نتيجتها إلغاء التميز المفترض لتلك الأحياء و المدن المراد اعادة بنائها

-التركيز على البعد الاجتماعي لبناء المدن يأتي من أهمية تجنيب المجتمع المختلط اثنياً، دينياً و اجتماعياً ارتدادات التدمير الذي طال النسيج العمراني لتلك المدن ما قبل الحرب و محاولة استثمار المخطط التنظيمي و القواعد العمرانية لإعادة انتاج بيئة اجتماعية متماسكة تعكس التنوع الذي يميز المجتمع السوري.

-الفساد الاداري و عدم الشفافية بين مؤسسات الدولة و المواطن كانت و ما زالت واحدة من العقبات الاساسية و أكثرها تعقيداً و لكن التجارب المختلفة للعديد من المجتمعات في اكثر من دولة اثبتت انه من الممكن الحد منها بوضع آليات ادارية أهمها تشكيل مجموعات عمل يكون في عضويتها إداريين من القطاع العام و ممثلين لسكان الأحياء منتخبين مباشرة من قبل سكان الحي و متطوعين من المواطنين، هذه اللجان تكون بمثابة المراقب العام و الموجه للقرارات الواجب اتخاذها و المواضيع التي تهم سكان الأحياء التي يمثلونها في الاجتماعات.
بالاضافة لمجموعات العمل المقترحة هناك أيضاً لجان عمل مستقلة تكون مرتبطة بالقضاء لمتابعة تنفيذ القرارات المتخذة. السلطة القضائية للدولة هي المخولة بالنظر في اي أشكال في اي مرحلة من مراحل العمل.
إضافة هذه الطبقة من المراجعة و المسائلة تزيد من الشفافية في اتخاذ القرارات و بالتالي الحد من الفساد.

اساسيات اعادة الإعمار
الموارد المادية هي الموجه الأساسي لعملية اعادة الإعمار و لكن محدودية هذه الموارد تحتم تشكيل المدن و الأحياء بطريقة يكون فيها المنتج العمراني عملي، بيئي، مركز و مركب يراعي البعد الاجتماعي و الثقافي و التاريخي و البيئي للحي المراد اعادة إعماره.

مواد البناء
الحرب المدمرة التي ضربت اغلب المدن السورية خلفت كميات هائلة من الركام، و بالعودة الى الاساسية الاولى الا و هي عدم توفر الموارد المالية فالحل يكون ان المدن من الممكن اعادة إعمارها بإستخدام ذكي للركام الموجود و بالتالي عملية تكرير و اعادة استخدام ما يمكن من أطنان من الركام و تحويلها الى مواد بناء هو الحل الأمثل

البنية التحتية
احد اكبر تأثيرات الحرب على المواطن هي الفقر المادي و بالتالي لا بد ان ينعكس ذلك على أولويات اعادة الإعمار للبنية التحتية، بالتالي أعطاء الاولوية للمشاة ثم للنقل العام و اخيراً السيارات و هذا يعني ان المدن ستكون خالية من الطرقات المخصصة للسيارات الخاصة و بالتالي توفير نسبة كبيرة من ميزانية المال العام لبناء شبكة طرقات تركز على المواصلات العامة و المشاة و الدراجات الهوائية بشكل أساسي و بالتالي خلق بيئة عمرانية جديدة و متجددة يكون فيها للفرد / المشاة الاولوية على اي شيء اخر.
هذا الاتجاه سيكون له تأثير كبير على النسيج العمراني كونه يصبح اكثر إنسانية و على الاستثمار في البناء حيث ان سوق البناء يصبح متوفراً للمستثمر الصغير بدلاً من الشركات الكبيرة و اخيراً التأثير سيكون على استخدام التقنيات الحديثة حيث ان مثل هذا التوجه يجعل استخدام التكنولوجيا و الطاقة البديلة في هذه التجمعات ممكناً و ملزماً بنفس الوقت

December 14th, 2018, 2:59 am

 

Post a comment