يظهر في تفاصيل الأزمة أن ملف المعتقلين ولاحقا المختطفين لا يتعلق فقط بإجراءات أو حتى بإنشاء جهاز تنفيذي لمتابعة هذا الملف، فهو تطور وربما تضخم كثيرا خلال الأزمة وظهرت ارتباطاته القديمة أيضا التي تعود إلى الصراع في الثمانينات خلال أحداث الإخوان المسلمين. ولم يؤثر رفع حالة الطوارئ في بداية الحل لمسألة المعتقلين، في نفس الوقت فإن هناك بعض النقاط أصبحت جزءا من هذا الملف يمكن إيجازها وفق التالي:
- يتداخل هذا الملف مع مسألة المختطفين، وهم لا يملكون وضعا حقوقيا واحدا، فأعداد منهم أصبحوا “مفقودين” نظرا لعدم وجود معلومات عنهم أو انعدام الاتصال معهم، والبعض الآخر مازالوا رهائن لدي الطرف الآخر للنزاع.
- في هذا الملف أيضا هناك قضايا العنف والاغتيال والانتقام المتبادل، على الأخص أن الاختطاف منذ بداية الأزمة كان “متبادلا” وانتهى نحو عمليات الانتقام التي وصلت لدرجة ارتكاب “مجازر” وفق ادعاءات أطراف الصراع.
- مع الاعتقال يظهر مسألة التسلح، لأنه لا يعتبر فقط مبررا للسلطة للاعتقال بل هو أيضا يشكل أزمة حقيقية عند محاولة التسوية من أجل الحد من العنف وإيقافه.
في النتيجة هناك واقع اجتماعي يحوي: معتقلين، مختطفين، مسلحين وضحايا، وهو ما دفع البعض للحديث بشكل مبكر عن “مصالحة وطنية” تتلازم مع العملية السياسية من أجل تجاوز تداعيات الحدث، ومع قسوة المصالحة بالنسبة للبعض لكنها تجربة تاريخية لدى الكثير من الشعوب، ولكن في المقابل فإن بعض الأطراف المتصارعة مازالت مختلفة على طبيعة الحدث السوري:
كيف يمكن توصيف المصالحة؟
كيف يمكن تحقيق العدالة داخل المصالحة؟
ما هي نماذج المصالحة التي يمكن الاعتماد عليها وفق تجارب الشعوب التي عانت من أزمات مشابهة مثل الجزائر ويوغوسلافيا السابقة؟
هل المصالحة الوطنية هي وظيفة “العملية السياسية” أم أن المنظمات غير الحكومية يمكنها التعامل مع الموضوع مثل منظمات حقوق الإنسان وحقوق المرأة وغيرها؟
ما هي ضمانات هذه المصالحة وهل هي بحاجة لوسيط دولي؟ وهل هي قادرة على إنهاء أي انتقام متبادل وتقديم ضمانة لكافة الأطراف من خطر الاغتيال أو الاعتقال او الملاحقة؟
هل تعني المصالحة استبعاد الحلول العسكرية والأمنية؟ وهل تضمن دخول الجميع بالعملية السياسية؟