News and Opinion:
حي الحميدية والامم المتحدة / حمص القديمة أجندة سياسية و ليست انسانية

 بقلم نضال الخضري

استعادت حمص القديمة بعضا من الأضواء الإعلامية بعد صمت طويل، واهتمامات بتفاصيل المعارك على كامل الأرض السورية، فمنذ البدء بأعمال جنيف2 والحديث عنها يتصاعد لتصبح جزءا من أجندة وسائل الإعلام، التي كثفت الحديث عن معاناة من تبقى من المواطنين في أحياء تلك المدينة المنكوبة، ومع انعقاد الجولة الثانية من المفاوضات في العاشر من شهر شباط الماضي كانت عمليات الإغاثة لحمص القديمة تمت ولكن دون أن يعني هذا الأمر انتهاء معاناة المواطنين الذين لم يتمكنوا من المغادرة رغم عمليات الإجلاء، وعاد الصمت مجددا رغم أن قرارا أمميا تم اتخاذه في مجلس الأمن من أجل عمليات الإغاثة في سورية عموما، فهل فعلا حصلت عملية إغاثة حقيقية للمدينة القديمة؟

عمليا تم الاتفاق بين الحكومة السورية والأمم المتحدة على عملية إجلاء للمواطنيين وإدخال مساعدات لحمص القديمة، حيث تكفلت المنظمة الأممية بالتفاهم مع المسلحين لإخراج “المدنيين” الراغبين في مغادرة أحيائهم أو مناطق إقامتهم، وبالمقابل يتم ادخال كميات من المواد الغذائية والصحية إلى قلب المدينة، وبدأت العملية في الأول من شهر شباط وتكررت عمليات الإجلاء وإدخال المساعدات خمسة أيام موزعة على مدى أسبوعين.

في اليوم الأول اختار المسلحون نقطة خروج في منطقة “القرابيص” وهو مكان بعيد عن حي “الحميدية” الذي يعتبر من الأحياء القديمة ذات الأغلبية المسيحية، وبالفعل  خرج بضع مئات من العائلات والشباب، وكان منهم عدد من المسلحين الذين قرروا ترك السلاح، حيث تمت تسوية أوضاعهم بشكل سريع من أجل اتمام عملية الإجلاء، وظهرت في تلك الفترة بعض الأصوات التي طالبت بتبديل نقطة الخروج، لأن الوصول إليها من حي “الحميدية” يستدعي المرور بأربعة أنفاق تخترق منطقة “جورة الشياح” وصولا إلى القرابيص، ونظرا لأن معظم من بقي منطقة “الحميدية” من المسنين  والمرضى فإن المرور بالأنفاق أمر مستحيل بالنسبة إليهم.

وبالفعل تم تغير نقطة العبور في اليوم التالي، وحددت منطقة الساعة القديمة ( وسط المدينة)، حيث تم إدخال نصف كمية المساعدات البالغة 250حصة غذائية، وزن كل حصة 80 كغ و250 حصة صحية، وكان من المفترض خروج عشرين شخصا من منطقة “الحميدية” عبر هذه النقطة، وهم نفس المواطنيين الذين تعذر إخراجهم في اليوم السابق نتيجة اختيار مكان عبور بعيد، لكن تم ضرب قذائف هاون على نقطة العبور فدخلت المساعدات ولم يخرج أحد من حي الحميدية.

في المحاولتين اللاحقتين تشجع بعض أهالي الحميدية وقطعوا طريق الأنفاق، وخرج عدد أكبر من المدنيين والمسلحين أيضا وبلغ عدد الذين تركوا حمص القديمة 1800 شخص منهم 31 من حي الحميدية (مسيحيين)

المحاولة الأخيرة للإجلاء كانت عند منطقة الساعة من أجل اتاحة الفرصة مجددا لقاطني حي الحميدية في الخروج، وبالفعل بدأت عملية إجلاء ولكن قذائف الهاون عادت للسقوط فخرج عشرة أشخاص من حي الحميدية وأصيبت سيدة حيث أعيدت إلى داخل المدينة. والملاحظ ان كافة عمليات الإجلاء تمت وفق آلية أتاحت لبعض المسلحين الخروج مع عائلاتهم، حيث بلغ عددهم 500 مسلح قامت الجهات الحكومية بتسوية أوضاعهم بشكل مباشر، بينما بقي عدد كبير من المدنيين في حي الحميدية دون أن يتمكنوا من الخروج بسبب الشروط الخاصة بنقاط العبور.

كانت أوضاع من خرج من المدينة بائسة فأحدهم التقط “خيارة” وقال لي “منذ عامين لم أشاهد الخيار”، بينما وقف آخر أمام صنبور مياه وقال:”مشتاق لغسل يدي معا”، وذلك في إشارة لعدم وجود شبكات مياه تتيح لهم غسل اليدين معا.

ما حدث في حمص القديمة لم يشكل أي نقطة تحول حقيقية في مسألة المحاصرين داخلها، فهم فقط تمتعوا بأيام قليلة نتيجة الاستخدام السياسي لقضيتهم، والكثير من المدنيين المحاصرون لم يتمكنوا من الخروج وعلى الأخص في “حي الحميدية” الذي ستستمر معاناة من بقي من سكانه حتى جولة سياسية جديدة.

المصدر: شخص من سكان حمص يعمل بالاغاثة و شهد ما حصل



Comments (0)


There are no comments for this post so far.

Post a comment