عودة النازحين

لم تتضح مشكلة النزوح من المدن السورية إلا مع التداعيات التي نتجت عن عسكرة الحراك، فالصدام المسلح دفع أعدادا متزايدة من السوريين إلى ترك منازلهم، فبعضهم انتقل للعيش في مناطق أكثر أمنا داخل سورية، بينما لجأ آخرون إلى الدول المجاورة، وهناك شريحة أخرى هاجرت لتؤسس أعمالاً في بعض العواصم العالمية. ومع تطورات الأعمال العسكرية ظهرت هذه المشكلة وفق ثلاث اتجاهات:

  • الأول مرتبط بالنازحين داخل المدن الآمنة، فكان توفير أماكن إيواء واحتياجات البقاء مهمة تزداد صعوبة على الأخص مع طول مدة النزوح، الأمر الذي استدعى تكيف “النازحين” مع ظروفهم الجديدة، وهو ما أدى لصعوبات اقتصادية داخل معظم المدن السورية.
  • الثاني متعلق بحالة اللجوء إلى خارج سورية، فالمعلومات المتوفرة من بعض أماكن النزوح مثل الأردن توضح حجم المعاناة الإنسانية، إضافة لعملية الاستغلال التي برزت إعلاميا من خلال تزويج القاصرات، وفي معسكرات لجوء أخرى مثل المعسكرات التركية، فإضافة للمعاناة الإنسانية، هناك المشاكل التي فرضها قرب تلك المعسكرات من أماكن القتال.

هجرة رؤوس الأموال والخبرات وشرائح من بعض الطوائف الدينية، فعلى مستوى رؤوس الأموال يبدو من الصعب على المستوى المتوسط إعادة توطين “رأس المال” المهاجر نتيجة انخراطه بمشاريع خارجية، وهذا ما يستدعي خطة طوارئ على مستوى سورية من أجل البحث في هذا الأمر، بينما تبدو هجرة الخبرات أقل تعقيدا لأنها مرتبطة بالأحداث الدائرة في سورية بشكل مباشر، تبقى مسألة هجرة بعض المكونات السورية، الثقافية أو الدينية، التي تشكل خللا على مستوى التركيب السكاني وتهدد بتحول في الهوية الثقافية، ما يستدعي رسم استراتيجيات لتجاوز هذا الموضوع.

تشكل عودة النازحين واللاجئين إلى أماكن سكنهم الاعتيادية قضية أساسية، لأنها الخطوة الأولى لتخفيف المعاناة الإنسانية إضافة لاستعادة دورة الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وبالتأكيد فإن حجم التدمير الذي طال المناطق سيحتاج إلى خطط اقتصادية على مستوى إعادة تأهيل المناطق السكنية، إضافة لخلق خطة إنعاش اقتصادي لتجاوز الواقع الناتج عن المعارك في تلك المناطق.

في المقابل فإن حجم الهجرة الذي زادت معدلاتها نتيجة الخوف من العنف أو القلق على المستقبل ستبرز نتائجها بعد انتهاء الأزمة، سواء من خلال فقدان الكوادر المؤهلة علميا وتقنيا أو من نقصان الموارد البشرية لعملية تجاوز الأزمة، الأمر الذي يتطلب بعد عودة الهدوء “تطمينات” واضحة تدفع المهاجرين للعودة والدخول في عمليات لتجاوز نتائج الأزمة.

2
1
Thank you for your feedback

تعليقات

  1. علي سليمان

    أنا مع دراسة امكانية عودة المهجرين ضمن تطمينات بعدم التخلي عن فكرة مسؤولية الدولة السورية ايواء كافة المهجرين بما فيهم أهالي المعارضة المسلحة و التي كانت السبب الأكبر في هذا التهجير القسريبعد تأمين ملاذ لهم بالتفاهم مع الدول الموافقة أو بذل الجهود الدبلوماسية لإعانة الدولة على ايواء الجميع ريثما تتم إعادة الإعمار بما فيهم المعتبرون أهالي المعارضة المسلحة التي كانت سببا مباشرا لهذا التهجير القسري

  2. محمود حسينو

    كيف ستسهل الدولة عودة النازحين وهي التي تستهدف أماكن نزوحهم، قبل حوالي الثلاثة أسابيع، قامت طائرات الجيش السوري التابع للنظام باستهداف مخيم للنازحين في أطمة على الحدود السورية التركية.

  3. Naim Nazha

    Every body goes back to where they came from they are all Syrians and have the right to live anywhere in Syria, that principle can not be changed.or played with,

شارك برأيك

يسرنا قراءة إضافاتكم، لكن مع التنويه أن النشر على الموقع سيقتصر على المشاركات البناءة و النوعية، و لا نضمن أن يتم إدراج كل المشاركات